باب قسمة التصريف
  وتقول: هنَ فَعَلْتَ فَعَلَتْ في الشرط ومثله، مهما أصله عند بعضهم ملما، وكذلك إن إذا دخلت عليها لام التأكيد وهنوا همزتها إلى الهاء كقول الشاعر:
  لِهَنَّكَ مِن بَرقِ إِلى حَبيب
  وأنشد ثعلب(١):
  أرجى شبابًا تسعين حجة ... لِهَنِّي في طمع لطموع
  وإبدالها من الألف الساكنة في مثل قولهم إنّه في أنا، وهنه في هنا. قال الشاعر:
  قد وردت من أمك أمكنة ... مِن هَاهُنَا ومن هنه(٢)
  والياء تبدل من الألف، في مثل: مفاتيح، وقراطيس، لأن أصله مفتاح وقرطاس، وتُبدل من الواو في مثل: ميعاد وميزان، لأن أصله. موعاد وموزان، ومثله ديمة أصله دومة، لأنه من دَوَّمَ المطر إذا أقام. قال الشاعر:
  ديمَة سَحمة القيادِ سكوب ... مستغيث بِهَا الثَّرَى المكروبُ(٣)
  وأبدلت من الهمزة المكسور ما قبلها في التخفيف مثل ذيب وبير.
  وأبدلت من الراء في مثل قيراط، أصله: قراط، مضعف العين لأن التصغير والتكسير قُريطٌ وقراريط، وأبدلت أيضًا من النون في مثل دينار ومن الياء في مثل ديباج لأن الأصل دنّار ودبّاج لقولهم دنانير ودنينير وديباج، ودييبج.
  فصل: وأما الحذف فهو حذفان: مقيس ومسموع.
  أما المقيس: فمتى كانت الواو فاء الفعل وسكنت مع المضارع ثبتت في
(١) ثعلب: هو أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد الشيباني النحوي المعروف بثعلب، كان إمام الكوفيين في النحو واللغة في زمانه انظر: نزهة الألباء في طبقات الأدباء/ ٢٩٣، وتوفي سنة إحدى وتسعين ومائتين، انظر: بغية الوعاة: ١/ ٣٩٦، والكنى والألقاب للشيخ عباس القمي: ٢/ ١٢٩، وتاريخ الأدب لبروكلمان: ٢/ ٢١٠.
(٢) البيت من الرجز ولم ينسب لقائل انظر: شرح المفصل: ٣/ ١٣٨، ٤/ ٦، ٩/ ٨١، وقد أضاف له شطرًا آخر (إن لم أروها فمه). وكذلك: ١٠/ ٤٣، وفي التصريف الملوكي لابن جني/ ٣٠.
(٣) البيت من الخفيف، وهو لأبي تمام انظر: ديوانه بشرح الخطيب البغدادي: ١/ ٢٩١.