باب الإعراب
  وتصهل في مثل جوف الطوي ... صهيلاً يُبيّنُ للمُغرِبِ(١)
  وأما التغير فمن قولهم: عربت معدة الصبي. إذا تغيرت والكلمة تتغير بالإعراب، وأما التحبيب فمن قولهم: امرأة عروب أي متحببة إلى زوجها، قال تعالى: {عُرُبًا أَتْرَابًا ٣٧}[الواقعة]، والإعراب يُحسن الكلمة ويحببها إلى المتكلم والسامع.
  فصل: وألقاب الإعراب أربعة: رفع، ونصب، وجر، وجزم، وهذه ألقاب صياغية من المعاني؛ وذلك أن الفاعل والمبتدأ لَمَّا كانا شريفين سُمي إعرابهما رفعًا. وكذلك المفعول وشبهه لما كانت حركته خفيفة تخرج بغير تكلف سميت نصبًا، والنصب الصوت الحسن السهل. قال تعالى: {كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ ٤٣}[المعارج]، وقيل للجر جرّ لأنه يجرُّ معاني الأفعال إلى الأسماء، وسُمي الجزمُ جزما؛ لأنه حذف حركةٍ أو حرف، والجزم في اللغة: القطع.
  واعلم أن الأسماء والأفعال تشترك في الرفع والنصب؛ لأن عامل الرفع يكون لفظيا ومعنويا. فلما اشتركا في المعنوي، وهو لا يعمل إلا رفعا كما قدمنا رفع الفعل، والنصب خفيف فاشتركا فيه لخفته، فالرفع: زيد يقوم، والنصب: إن زيدًا لن يقوم.
  وتختص الأسماء بالجر لأن أصله الإضافة، ومعنى الإضافة الملك، والمالك لا يكون إلا ذاتا والذات لا تكون إلا اسمًا، وأيضًا فإن الأسماء خفيفة، والجر ثقيل، فدخلها للتعديل، ولخفتها وتمكنها دخلها التنوين. واختصت الأفعال بالجزم، لأنه إعراب شبيه بالبناء وأصلها البناء، وأيضًا فإنها ثقيلة والجزم خفيف فأعطي الأخف الأثقل.
  فصل: والإعراب يكون ثلاثة أشياء: حركات وحروف، وحذف:
(١) البيت للنابغة الجعدي انظر: سمط اللآلي: ١/ ٤١٤، والكامل للمبرد: ٣/ ٤٦، واللسان: ٢/ ٧٨.