باب شرح المعاني المذكورة
  فالمعنى تم بقوله: ويُعطُوهُ وإلا كان ناقصا ومثله لابن المعتز(١) يصف خَيْلاً: (طويل)
  صببنا عليها ظالمين سياطنا ... فطارت بها أيد سراع وأرجل
  فالمعنى تم بقوله: ظالمين ويلحق بهذا الذي في حشو البيت ما جاء على وجه الاستثناء كقول النابغة: (طويل)
  ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهنَّ فُلول من قراع الكتائب(٢)
  فا نظره كيف استثنى عيبًا واحدًا ثم ذاكره فكان أتم في صفة القوم. وأبلغ في معنى المدح منه لو لم يذكر عيبًا كأنه يقول: إذا كان فُلُولُ سيوفهم من قراع الكتائب أدنى خصالهم فما ظنك بأعلاها ومثله قول طرفة بن العبد البكري: (كامل)
  فَسَقَى دِيارَكَ غير مُفْسِدِهَا ... نوءُ الربيع وديمة تهمي(٣)
  فالمعنى تم بقوله: غير مفسدها وإلا كان دُعاء عليها لا لَهَا لأن المطر يُبْلي رسومها ويعفي معالمها فافهم ذلك. ولن تهتدي له إلا حُذاق الشعراء.
  فصل: وأما التصريعُ: فهُوَ تقفيةً أنصاف الشعر كأواخره وأكثر ما يكون ذلك في أوّل أبيات القصائد وربما تخلل في سائر الأبيات، وهو دليل على اتساع الشاعر وسماحة قريحته؛ ومنه قول امرئ القيس: (طويل) قفا نبك من ذكرى حبيب ومَنْزِلِ ... بسْقط اللوى بين الدخول فحومل
  ثُمَّ قال: (طويل)
  أفاطمَ مَهْلاً بغض هذا التَدلُّلِ ... وإِنْ كُنْتِ قَدْ أَرْمَعْتِ صِرْمِي فَأَجْمِلِي
  ثم قال: (طويل)
(١) البيت في ديوان ابن المعتز العباسي /٤٦.
(٢) البيت من الطويل انظر خمسة دواوين من شعراء العرب/ ٦، وديوانه/ ١٥.
(٣) البيت من الكامل انظر: شرح ديوان طرفة /٦٢، وفيه: (بلادك) بدل (ديارك)، و (صوب) بدل (نوء) وفي الجمان في تشبيهات القرآن / ٦٣، نسبه لطرفة أيضًا. والبلاغة تطور وتاريخ/ ٥٤ نسبه له.