كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب شرح المعاني المذكورة

صفحة 414 - الجزء 1

  فالمعنى تم بقوله: ويُعطُوهُ وإلا كان ناقصا ومثله لابن المعتز⁣(⁣١) يصف خَيْلاً: (طويل)

  صببنا عليها ظالمين سياطنا ... فطارت بها أيد سراع وأرجل

  فالمعنى تم بقوله: ظالمين ويلحق بهذا الذي في حشو البيت ما جاء على وجه الاستثناء كقول النابغة: (طويل)

  ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهنَّ فُلول من قراع الكتائب⁣(⁣٢)

  فا نظره كيف استثنى عيبًا واحدًا ثم ذاكره فكان أتم في صفة القوم. وأبلغ في معنى المدح منه لو لم يذكر عيبًا كأنه يقول: إذا كان فُلُولُ سيوفهم من قراع الكتائب أدنى خصالهم فما ظنك بأعلاها ومثله قول طرفة بن العبد البكري: (كامل)

  فَسَقَى دِيارَكَ غير مُفْسِدِهَا ... نوءُ الربيع وديمة تهمي⁣(⁣٣)

  فالمعنى تم بقوله: غير مفسدها وإلا كان دُعاء عليها لا لَهَا لأن المطر يُبْلي رسومها ويعفي معالمها فافهم ذلك. ولن تهتدي له إلا حُذاق الشعراء.

  فصل: وأما التصريعُ: فهُوَ تقفيةً أنصاف الشعر كأواخره وأكثر ما يكون ذلك في أوّل أبيات القصائد وربما تخلل في سائر الأبيات، وهو دليل على اتساع الشاعر وسماحة قريحته؛ ومنه قول امرئ القيس: (طويل) قفا نبك من ذكرى حبيب ومَنْزِلِ ... بسْقط اللوى بين الدخول فحومل

  ثُمَّ قال: (طويل)

  أفاطمَ مَهْلاً بغض هذا التَدلُّلِ ... وإِنْ كُنْتِ قَدْ أَرْمَعْتِ صِرْمِي فَأَجْمِلِي

  ثم قال: (طويل)


(١) البيت في ديوان ابن المعتز العباسي /٤٦.

(٢) البيت من الطويل انظر خمسة دواوين من شعراء العرب/ ٦، وديوانه/ ١٥.

(٣) البيت من الكامل انظر: شرح ديوان طرفة /٦٢، وفيه: (بلادك) بدل (ديارك)، و (صوب) بدل (نوء) وفي الجمان في تشبيهات القرآن / ٦٣، نسبه لطرفة أيضًا. والبلاغة تطور وتاريخ/ ٥٤ نسبه له.