باب شرح المعاني المذكورة
  فيا أيها الجاني ونسأله الرضا ... ويا أيها الخاطي ونحن نتوبُ!
  وقال آخر: (طويل)(١)
  لمست بكفي كَفَّه أطلبُ الغِنَى ... ولم أدر أن الجودَ كنّه يُعْدِي
  فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغِنَى ... أفذتُ وأعداني فأتلفتُ ما عِنْدِي
  فصل: وأما التتبيع فهو أن يُحاول الشاعر معنى من المعاني فلا يأتي باللفظ الدال عليه بعينه وإنَّما يأتي بِمَا يتبعُهُ. كما قال عُمرُ بن أبي ربيعة يصف عُنق امرأة: (طويل)
  بعيدة مهوَى القُرط إمَا لنَوْفَلِ ... أبيها وإما عبد شمسٍ وهَاشِمِ(٢)
  فلم يذكر طول العنق بلفظه وجاء بما يدلُّ عليه مما يتبعه بقوله: بعيدة مهوى القرط، ومثله للحكم الحضرمي يذكر كِبَرَهُ: (كامل)
  قد كان يُعجب بعضهن يراعتي ... حتّى سَمِعْنَ تنحنُحي وسُعَالِي(٣)
  فلم يذكر الكبر بلفظه. وجاء بما يدلُّ عليه من قوله: سمعن تنحنحي وشعالي، لأن ذلك. من صفة الشيخ الكبير.
  فصل وأما التلميح؛ فهو أن يأتي الشاعر بلفظ قليل مبهم يدلُّ فيه باللمحة الكافية على المعنى الكثير ومنه قول امرئ القيس: (وافر)
  بعزهم عَزَرْتُ فإن يذلوا ... فذُلُّهُمْ أَنَا لَكَ مَا أَنَا لا(٤)
  وقوله: أنا لك ما أنا لا لمحة دالة على المراد ومثله قول زهير بن أبي سلمى: (وافر)
(١) البيتان من الطويل ولم أهتد لقائلهما.
(٢) البيت من الطويل وهو في ديوانه / ٣٧٠، والحماسة الصغرى /١٠١، ونقد الشعر لقدامة/ ١٥٤.
(٣) الحكم الحضرمي: حضرمي بن عامر بن مجمع بن موألة بن هشام بن ضب بن كعب بن العتين شاعر فارس سيد. ترجمته انظر: المؤتلف والمختلف للآمدي / ٨٤، مع معجم الشعراء للمرزباني، والبيت من البحر الكامل.
(٤) البيت من البحر الوافر وهو في ديوان امرئ القيس ٣١١ ونسب إليه في تحرير التحبير/ ٢٠٣.