كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب شرح المعاني المذكورة

صفحة 417 - الجزء 1

  فإني لو لقِيتُكَ واتجهنا ... لَكَانَ لِكُلّ منكرة كفاءُ⁣(⁣١)

  التلميح في قوله: كفاء، ومثله قوله تعالى: {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ١٦}⁣[النجم] وقوله: {خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ ٣٩}⁣[المعارج].

  فصل: وأما الترصيع: فهُوَ المعادلة بين اللفظين في الوزن. ومنه قول امرئ القيس يصف الفرس:

  مِكَرٌ مِفَرٍ مُقبلٍ مُدْبِرٍ مَعَا ... كَجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ⁣(⁣٢)

  وزعم بعضهم أن الترصيع تشاكلُ الكلام والترددُ فيه مع بيان، والتصرف فيه مع إحسان وربما حَسَّنَ القبح بلفظه، وقبحَ المليح بلفظه وهو يسمى المذهب الكلامي ومنه قول بعضهم:

  وعلمتني كيف الهوى وجهلته ... وعلمكم صبري عَلَى ظُلْمِكم ظُلِمِي

  وأعلم ما لي عندكم فيميلُ بِي ... هَواي إلى جهلي فأعرضُ عَنْ عِلْمِي⁣(⁣٣)

  ومثله قول أبي فراس وأحسن فيه: (طويل)

  بخلت بنفسي أنْ يُقالَ مُبخَل ... وأقدَمْتُ جُبْنَا أَنْ يُقَالَ جَبَانُ⁣(⁣٤)

  فانظره كيف تمدح بالبخل وهو قبيح، فحسنه فجعله بخلاً بنفسه من أن يُقال بخيل فجاد بالمال وتمدح بالجُبْنِ وهو قبيح أيضًا وحسنه وجعله جُبنًا من أن يُقال جبان ما قدم فقد صار بخله كرما وجبنه شجاعة، وهذا غاية في حُسن التصرف.

  فصل: وأما التشبيه فهو: أن يشبه الشاعر شيئًا بشيء فيوقعه موقعه وينزله منزلته في الوجه الذي يشبهه به لونًا أو طعما، أو ريحًا، أو طُولاً أو قِصَرًا، أو عرضًا، أو عمقًا، أو طبعًا، أو غير ذلك من الهيئات وربما شبه اثنين باثنتين. ولا يستطيع


(١) البيت من البحر الوافر وهو في ديوانه / ٨١، وقد نسب إليه في نقد الشعر/ ٥٦، ونهاية الأرب: ٧/ ١٤١، والعمدة: ١/ ٢٠٦.

(٢) البيت من البحر الطويل انظر: ديوانه ١٩.

(٣) البيتان من الطويل وهما لإبراهيم بن العباس ديوانه: ١٥٠.

(٤) البيت من الطويل وهو في ديوانه: ٣/ ٤٠٠.