باب شرح المعاني المذكورة
  غرثان أعجف) مبالغة في الذم لأنه إذا كان كذلك كان أشد بخلاً لأن الكلب لا يترك شيئًا لا يأكله معه وهو شبعان فكيف إذا بلغت به الحاجة إلى العجف واستولى عليه الجوع.
  فصل: وأما الاستطراد فهو: أن يأخذ الشاعر في صفة شيء يمدحه أو يذمه حتى إذا انتهى في ذلك شبه به ممدوحًا أو مذموما من الناس فينقلب جميع ذلك مدحًا له أو ذمَّا أو يكون في صفة شيء فيستطرد منه إلى غيره كالفارس يتباعد للحملة مستطردًا ثم يحمل. فمن مستحسن المدح قول الشاعر: (طويل)
  عرضت عليها ما أرادت من المُنَى ... لترضى فقالت: قم فجئني بكوكب
  فأقسمت لو أصبحتُ في عزّ مالك ... ومنعته أعيا بما رمتُ مطلبي
  ثم قال:
  فتى شقيت أمواله بأكفه ... كما شقيت قيس بأرماح تغلب(١)
  ففي هذين البيتين استطراد في ثلاثة مواضع ومثله قول زهير:
  إن البخيل بخيل حيث كان ولكن ... الجوادَ عَلَى عِلَّاتِه هَرم(٢)
  ومن الذم قول أبي تمام يصف صلابة حافر الفرس ثم استطرد إلى هجاء عثمان الشامي فقال: (بسيط) فلو تراه مشجا والحصى زيم ... تحت السّنابِكِ من مَثْنَى ووحْدَانِ
  أيقنت أن لم تُثبت أن حافِرَهُ ... من صخر تدمر أو مِنْ وجه عُثْمَانِ(٣)
  وقال جرير: (كامل)
  وإذا وضعتُ عَلَى الفرزدقِ مَيْسَمِي ... وضَغا البُعَيْثُ جَدِعْتُ أَنْفَ الأَخْطَلِ(٤)
(١) الأبيات من البحر الطويل نسبت إلى بكر بن النطاح انظر: تحرير التحبير/ ١٣١، والعمدة: ٢/ ٥٣، والتقفية: ١/ ٣٩ البيت الأول. والطراز: ٣/ ١٨، (فأقسم) بدل (فأقسمت) في تحرير التحبير.
(٢) البيت من البحر الطويل وهو في شرح ديوانه: ١٥٢، وفيه: (ملوم) بدل (بخيل).
(٣) البيتان من البحر البسيط ولم أجدهما في ديوانه.
(٤) البيت من البحر الكامل انظر: ديوان جرير / ٣٥٧.