كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب ما لم يسم فاعله

صفحة 70 - الجزء 1

  البيان، وكذلك ضمير المفعول يجوز إظهاره كما قال سواد بن عدي بن زيد:

  ما أرى الموت يسبق الموت شيءٌ ... نَغَصَ الموتُ ذا الغنى والفقيرا⁣(⁣١)

  ولو قال: سبقه جاز فأبرز الفاعل وأظهر المفعول ومثلة: {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا ١٥ فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ}⁣[المزمل: ١٥ - ١٦]، والسبيل فعصاه، وتقول في المؤنث: قاما وإن شئت قامتا، وفي الجمع قُمنَ، فإن كان الفعل المتأخر عن الاسم لمؤنث مفرد، أو لجماعة مؤنث فوق العشرة لزمته تاء التأنيث، ولم يجز حذفها سواء كان المؤنث حقيقيًا أو غير حقيقي مثل قولك: هند الجمعة قامت يوم والجبة يوم الخميس نسجت. وكتب لعشر من ليلة مضت. وإن كان المؤنث جماعة دون العشر لم يحتج إلى تاء وألحقته النون ضميرًا، ونابت مناب علم التأنيث فقلت: ثلاث نسوة قُمن وخمس جُبات نُجسن، فافهم ما فسرتُ لك من هذا الباب فإنه من عُمدِ العربية تصب وبالله التوفيق.

باب ما لم يسم فاعله

  ولك فيه أربعة أسئلة: لم حُذف الفاعل؟ وما الذي يجوز أن يقوم مقامه؟ وكيف يُصاغ الفعل مع هذا المقام؟ وأي فعل لا يجوز أن يُبنى لِمَا لم يسم فاعله؟

  فصل: أما لم حُذف الفاعل؟ فلأحد أربعة أشياء: للجهل به، أو التعظيم له، أو التحقير، أو الإبهام على المُخاطب. وذلك قولك: سُرِقَ المتاع إذا جهلت سارقه، وقُتِلَ الملك إذا عظمته عن ذكر القاتل وإن كنت عارفًا به، وضربت عنق الأسير إذا حقرته وقد علمت أن الأمير هو الذي ضرب عنقه. وأُخِذ دينارك من يدي إذا أردت الإبهام.

  وإعراب هذا المفعول الرفع لقيامه مقام الفاعل، وإنما أقيم المفعول مقام الفاعل، وأعطي إعرابه حرصًا على أن لا يبقى فعل بغير فاعل. إذ لا


(١) البيت لعدي بن زيد، وهو في ديوانه: ٦٥.