باب كان وأخواتها
  وكأن طوى كشحًا عَلَى مُسْتكنةٍ ... فلا هو أبداها ولم يتقدَّمِ(١)
  وقد روى سيبويه عن بعض العرب ليس خلق الله مثله، أي: ليس الشأن خلق الله مثله، فأخبر عنه بماض وهو شاذ ومثله قول الشاعر: (طويل)
  وقولا لها ليس الضلال أجارنا ... ولكننا جرنا لنلقاكم عمدا
  فأخبر عن ليس (بأجارنا) وهو فعل ماض.
  ومن أحكامها أنه لا يجوز أن يستثنى خبر ما لزم أوله ما بإلا، فلو قُلت: ما زال زيد إلا عالما لم يجز، لأنك إذا قُلت: زال زيد عالما نفيت عنه العلم. فإذا أجبت بحرف نفي فقلت: ما زال زيد عالِمًا، نفيت النفي، ونفي النفي إيجاب. فأوجبت له العلم، فإذا قلت: إلا عالما نفيت عنه العلم بإلا؛ لأن الاستثناء من الموجب منفي، فيكون موجبًا للخبر بما، نافيًا له بإلا في فينة واحدة، وهذه محال. ولو قلت: ما كان زيد إلا قائمًا كان جائزا، وكذلك الباقي.
  ومن أحكامها: أنك إذا جئت في هذا الباب بمعرفة ونكرة رفعت المعرفة اسما، ونصبت النكرة خبرًا تقدمت أو تأخرت، لا يجوز غير ذلك إلا في ضرورة الشاعر. فإن جئت بمعرفتين رفعت أيهما شئت اسمًا، ونصبت الأخرى خبرًا، نحو قولك كان زيد القائم، وكان زيدًا القائم. فإن فصلت بينهما بمضمر منفصل كنت مخيرًا في الخبر إن شئت رفعته وجعلت المضمر مبتدأ وكانا في موضع نصب خبرًا لكان، وإن شئت نصبت الخبر وجعلت الفاصل حرفًا لا موضع من الإعراب، مثال ذلك كله: كان زيد هو القائم، والقائم، وعليه القراءة: {إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ}[الأنفال: ٣٢] و (الحق) يقرأ بالرفع والنصب، ومثله {كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ ٧٦}[الزخرف] و (الظالمين) فإن كان معرفة ونكرة رفعت على الابتداء، والخبر فقلت: كان زيد هو قائم إلا أن يكون الضمير تأكيدًا للاسم، فتنصب حينئذ لأنه ليس هناك.
(١) انظر ديوان زهير صنع ثعلب: ٢٢.