كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب لا

صفحة 96 - الجزء 1

  والسادسة، والسابعة والثامنة: عوامل فمنها الناهية وهي تجزم الفعل المستقبل مثل: لا تقم ولا تقعد، والتي بمعنى ليس، وهي ترفع الاسم وتنصب الخبر مثل: لا زيد قائمًا ولا عمرو قاعدًا، قال الشاعر: (بسيط)

  ذكرتها بعد أعوام مضينَ لها ... لا الدار دارًا ولا الجيران جيرانا⁣(⁣١)

  تقديره ليس الدار دارًا، فرفع الاسم ونصب الخبر. ومثله: (مجزوء الكامل)

  من صد عن نيرانها ... فأنا ابن قيس لا براح⁣(⁣٢)

  أي: ليس لي براح، فرفع الاسم وحذف الخبر.

  الثامنة: هي النافية للنكرات الشائعة دون المعارف والأفعال، وهي تنصب الاسم وترفع الخبر حملاً على إنّ. وقد ذكرنا وجه المشابهة بينهما، وهو أن لا أصل في النفي، وإن أصل في الإيجاب فحمل النقيض على نقيضه.

  ووجه آخر وهو أن موضع اسميها الرفع بالابتداء وهما داخلان عليه جميعا.

  فصل: وأما ما عملها؟ فهي تنصب الاسم وترفع الخبر بشرطين:

  أحدهما: أن يكون اسمها نكرة، والثاني: أن تكون النكرة مضافة إلى نكرة أو مثناة، مثل: لا غُلام سفر أفضل منك، ولا بيت مال أوسع من بيت مال عثمان، ولا باب مسجد أحسن من هذا الباب. وفي التثنية: لا غُلامين ولا فرسين عندك، ويجوز لا كمي لقميصك تحذف النون على نية الإضافة إلى القميص، واللام مقحمة فإن كان الاسم معرفة مثل: لا زيد في الدار ولا عمرو، وكان الاسم مرفوعًا بالابتداء إذا لم تعتقد معنى ليس وكذلك إذا لم تكن النكرة مضافة ولا مثناة، كانت مبنية مع على الفتح مثل: لا رجُل في الدار ولا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله. ولا تُبنى معها النكرة إلا بمجموع أربع شرائط: أن يكون النفي عاما للجنس، وأن تكون النكرة مفردة، وأن تليها بغير فاصل، وأن لا يكون قد عمل في النكرة عامل غير لا،


(١) البيت لجرير، انظر ديوانه: ٤٩٠.

(٢) البيت لسعد مالك بن بن ضبيعة، انظر شرح الحماسة للمرزوقي: ٢/ ٥٠٦.