القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[فصل: في الأمر]

صفحة 98 - الجزء 1

  العهدة.

  قال: لا يمتنع عندنا أن يأمر الحكيم ويقول إذا فعلته أثبت عليه، وأديت الواجب، ويلزم القضاء مع ذلك، وهذا مشعر بأن ليس النزاع في الخروج عن عهدة الواجب عند الأمر، بل في أنه هل يصير بحيث لا يتوجه عليه تكليف بذلك الفعل بأمر آخر.

  قالوا: لا يصح أن يثمر الإتيان بالمأمور به الإجزاء بهذا المعنى (إذ قد يؤمر) المكلف (بما لا) يسقط الإتيان به القضاء عنه، فكيف يقال إنه (يجزي)، وذلك (كالحج الفاسد)، فإنه قد أمر بإتمامه مع أنه لا يسقط القضاء، فلو كان الإتيان بالمأمور به مسقطاً للقضاء لكان إتمام الحج الفاسد مسقطاً للقضاء ولا يسقط باتفاق.

  (قلنا:) إن أريد بالقضاء في قولكم لكان إتمام الحج الفاسد مسقطاً للقضاء قضاء الحج المأمور به أولاً فلا نسلم أنه يلزم مما ذهبتم إليه أن يكون إتمام الفاسد مسقطاً؛ لأنه بمعزل عن ذلك، وإن أردتم قضاء الإتمام فلا نسلم أن الإتمام لا يسقطه وهو ظاهر، فثبت أن الإتيان بالمأمور به يستلزم أن الفعل (قد أجزى) بالمعنى الثاني، ولأنه لا قائل بعدم سقوط القضاء (باعتبار الأمر الذي) تعلق بالتمام، و (تناوله بعد) بطلان المأموربه أولاً (وفساده)، ولا ينتهض الدليل، إلا لو قيل بوجوب قضائه.

  (مسألة: إذا تكرر الأمر) كصل ركعتين صل ركعتين فإن ذلك يقتضي (تكرر المأمور به في الأصح)، اللهم (إلا لقرينة) تمنع منه كعادة أسقني ماءً أسقني ماءً، فإن العادة قاضية بأنه إنما يريد أن يسقيه ما يزيل به عطشه، وذلك يحصل بمرة فكان ذلك قرينة مانعة من تكرار السقي، فحينئذٍ يتعين التأكيد (أو تعريف) يجعل الثاني عبارة عن الأول وإشارة إليه نحو: صل ركعتين صل الركعتين، أو غير ذلك