القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[فصل: في الأمر]

صفحة 99 - الجزء 1

  كصم هذا اليوم صم هذا اليوم؛ لأن الكلام فيما يقبل التكرار.

  (وقيل: لا) يقتضي ذلك فيكون المطلوب الفعل مرة.

  لنا: أن فائدة التأسيس وهو هنا أن يقتضي التكرار إيجاباً آخر أظهر من فائدة التأكيد وهي نفي وهم التجوز؛ لأن التأسيس بالنظر إلى نفسه أكثري والتأكيد بالنظر إلى نفسه أقلي، وإن كان في التكرير أكثر، والحمل على الأظهر الأكثر أولى، وأيضاً فوضع الكلام للإفادة لا للإعادة، وأيضاً فالتأسيس أصل والتأكيد فرع.

  قالوا: كثر التكرار في التأكيد ما لم يكثر في التأسيس فيحمل عليه إلحاقاً للفرد بالأعم الأغلب وأيضاً فإنه يلزم من العمل بهما تكثير مخالفة الأصل وهو براءة الذمة عن المرة الثانية بخلاف التأكيد ومالا يفضي إلى تكثير مخالفة الأصل الذي هو الظاهر أولى ممَّا يفضي إليه.

  (قلنا:) ما ذكرتم في ترجيح التأكيد لا يقاوم ما ذكرنا في ترجيح التأسيس، ثم إن في الحمل على التأكيد أيضاً مخالفة ظاهر الأمر من الوجوب أو الندب للقطع بأنه ليس ظاهراً في التأكيد، (و) لو سلم تساوي الترجيحات المذكورة رجعنا إلى الأصل، والأصل أنه إذا (انفرد كل منهما اقتضى مطلوباً فلا يتغير) ما يقتضيه كل منهما مع الانفراد (باجتماعهما)، ولو سلم فالاحتياط فيما ذكرناه لاحتمال الوجوب في نفس الأمر فيكون أولى.

  (مسألة: فإن عطف أحدهما على الآخر) كصل ركعتين وصل ركعتين (أقتضى التكرار)؛ لأن ورود التأكيد بواو العطف لم يعهد أو يقل.

  فإن رجح في المعطوف التأكيد بتعريف كصل ركعتين، وصل الركعتين أو غيره، كاقتل زيداً، واقتل زيداً، وقع التعارض بين العطف المقتضي للتكرير والتأسيس والقرينة المانعة منه الملائمة للتأكيد ويصار إلى الترجيح فيقدم الأرجح فإن تساويا وجب التوقف (فإن كان المعطوف بعض المعطوف عليه) كقوله تعالى: