القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[هل الأمر المطلق يدل على الفور]

صفحة 100 - الجزء 1

  {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ...}⁣[البقرة: ٢٣٨] (اقتضى) العطف (أنه لم يدخل في المعطوف عليه) لما سيأتي فالمراد بالصلوات غير الوسطى وأيضاً فإنه يكون تكراراً لا فائدة فيه لو دخل فيه.

  (وقيل: لا) يلزم ذلك وتكون فائدة العطف حينئذٍ التنبيه على مزيد فضيلة في المعطوف حتى كأنه من غير جنس المعطوف عليه.

  (قلنا:) المعلوم من اللغة أن الشيء لا يعطف على نفسه، وأن (العطف يقتضي التغاير) بين المعطوف والمعطوف عليه.

  وقد يقال: لا يشترط في العطف التغاير الحقيقي بل يكفي تغاير مَّا، فقد ورد عنه ÷ «ليلني منكم ذوو الاحلام والنهى»، وقال فألفى قولها كذباً ومينا.

  ولا تغاير فيهما إلا من جهة اللفظ والمتأول متعسف.

  وكان الأولى أن يضم ما تضمنته هذه المسألة إلى الأولى وأن لا تفصل عنها وتجعل مسألة على حيالها، وعلى هذا جرى الأكثر، أو تجعل فرعاً لها، إذا لا بد من إفراده، ولكن المؤلف اقتفى أثر الرصاص في ذلك.

[هل الأمر المطلق يدل على الفور]

  (مسألة: قاضي القضاة في أحد قوليه وأبي طالب، وكثير من الفقهاء والمتكلمين والأمر المطلق) موضوع (للفور)، فإذا قال: إفعل كذا، فهو طالب لإيقاع ذلك الفعل في الحال، فلو أخر عصى؛ لأن السيد إذا أمر عبده بفعل من الأفعال فتلكأ عليه العبد وأخر فعل ذلك وعلل نفسه بعد وبعد غد حتى تأتي عليه الأيام والشهور فإن العقلاء يذمونه على ذلك، ولولا أنه للفور لما ذموه.

  قلنا: إن ذلك إنما فهم من القرينة، وهو أنه يعلم من قصد السيد تعجيل ما أمر به، وربما تمس الحاجة الشديدة إلى ذلك، بخلاف أوامر الحكيم، فإن الغرض بها التعريض للثواب لا لحاجة، وهذا الغرض حاصل في أي وقت وقع المأمور به،