[الاستثناء بعد الجمل المتعاطف]
  المذهب إلى الوقف؛ لأن القائل به إنما يقول به عند عدم القرينة، ووجه ما أختاره ظاهر، وهو أن الاتصال يجعلها كالواحدة، والانفصال يجعلها كالأجانب، وإذا أشكل الحال، والتبس الانقطاع والاتصال حصل الشك فوجب الوقف؛ لأنه قد ورد تارة راجعاً إلى الجميع وتارة إلى الأخيرة خاصة.
  (وفائدة الخلاف تظهر في آية القذف)، وهي قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٤ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا}[النور: ٤ - ٥] (كما سيأتي) في مسائل الأحكام استيفاء ما فيها من الكلام، فيرجع الاستثناء عند الأولين إلى الجميع؛ فيخرج عن الفسق، وتقبل شهادته، وكان مقتضى كلامهم ارتفاع الحد أيضا، لكنه صرف عنه الدليل الخارجي، وهو كون الجلد حق آدمي، فلا يسقط بالتوبة، إنما يسقط بإسقاط المستحق، وذلك لا يقدح في الظهور، وعلى القول الثاني إنما يرجع إلى الجملة الأخيرة خاصة، بمعنى أن التائب يخرج عن الفسق، والجملتان الأولتان على حالهما الجلد، وعدم قبول الشهادة.
  الشافعية قالوا: هو صالح للجميع(١) فالقول بالعود إلى البعض تحكم فيعود إلى الكل.
  قلنا: صلاحيته للجميع لا توجب ظهوره كالجمع المنكر فإنه صالح للجميع، وليس بظاهر فيه ولا في شيء مما يصلح له من مراتب الجمع.
(١) قلت: الظاهر من الكلام السابق أن محل النزاع هو في ظهوره في الجميع، أو في الأخيرة، أو أنه حقيقة في أحدهما لا أن الخلاف في صلوحه لأحدهما وذلك مثل الأسد هو صالحٌ لأن يستعمل في الرجل الشجاع، ومعلوم أنه ليس حقيقة ولا ظاهراً في الرجل، ثانياً قوله بالعودة إلى البعض، قد يقال البعض قد يكون الثانية والثالثة، أو الأولى والأخيرة، أو الأولى والثانية أو أحدها منفردً، والكلام إنما هو في عوده إلى الجميع، أو إلى الأخيرة فقط، إلا أن يقال الألف واللام للعهد فيكون البعض هو الجملة الأخيرة. والله اعلم. تمت عبدالله حسين مجدالدين.