[الاستثناء بعد الجمل المتعاطف]
  الحنفية (قالوا الظاهر) في الاستثناء (رجوعه إلى) الجملة (التي تليه)؛ لأنه إنما يرجع إلى ما قبله لعدم استقلاله، ويتقيد بالأقل، وما يليه هو متحقق؛ لأن تعليقه بغيره لا حاجة إليه، ولا دلالة له عليه.
  (قلنا:) يجوز أن يكون وضعه للجميع، كما لو قام دليل، وأيضاً فإن التشريك بين الجمل، (بالعطف صيرها كالجملة الواحدة) كالمفردات فكما كان تعاطف المفردات الواقعة موقع الخبر للمبتدأ صيرها بمنزلة إثم واحد في قولك: اضرب الذين هم قتلة وسراق وزناة إلا من تاب حتى عاد الاستثناء إلى الكل اتفاقاً؛ لأن الجمع بحرف الجمع كالجمع بلفظ الجمع كذلك تعاطف الجمل يصيرها بمثابة جملة واحده فيعود الاستثناء في قولك اضرب الذين قتلوا وسرقوا وزنوا إلا من تاب إلى الكل أيضاً، فإن مطلق الاستثناء (كالشرط والاستثناء بمشية الله)، فما ثبت فيهما ثبت فيه، وقد ثبت إنه إذا قال والله لا أكلت ولا شربت ولا لبست إن شاء زيد، أو إلا إن يشاء الله، عاد إلى الجميع اتفاقاً.
  وقد يقال: إن ذلك إنما يكون في المفردات، أو ما هو في حكمها من الجمل التي لها محل من الإعراب(١)، أو التي وقعت صلة للموصول، أو نحو ذلك مما يوجب الاتصال والارتباط، وأما في الجمل فممنوع، فإن قولك: ضرب بنو تميم، وقتل مضر وبكر شجعان، ليست كالمفرد قطعاً.
  فإن أُريد إلحاقها بالمفرد، احتيج إلى جامع، مع أنه قياس في اللغة، وكذلك
(١) قلت: كان الأولى أن يقال في المثال والله لا أكلُ ولا أشربُ ولا ألبسُ إن شاء زيدٌ؛ لأن مابعد إن الشرطية مستقبل، فلا يصح أن يكون تقيدً للماضي؛ لأن قوله: لا أكلتُ، ماضي، والماضي قد وقع وانقضى، فلا يقيد بالمستقبل. ثانياً قوله أو ما في حكمها من الجمل التي لها محل من الإعراب ينافيه حكاية الاتفاق الذي وقع في المثال وهو: والله لا أكلٌ ... الخ؛ لأن هذه الجمل ليس لها محل من الإعراب لأنها جواب قسم، وجملة جواب القسم لا محل لها من الإعراب اتفاقاً، وليست في تأويل المفرد؛ لأن جواب القسم لابد أن يكون جمله، ولذلك كسرة أن الواقعة جواب للقسم. تمت عبدالله حسين مجدالدين.