القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الفعل المنفي والمراد نفي صفته إجمال أم لا]

صفحة 199 - الجزء 1

  (أهل البيت والقاضي عبدالجبار) وهو قول الجمهور: لا إجمال فيه لأنه إن ثبت عرف شرعي في إطلاقه للإجزاء كان (المراد) بمثل ذلك (نفي وقوعه على الوجه الشرعي) أي لا صلاة صحيحة ولا نكاح صحيحاً ونفي مسماه ممكن فتعين (فليس بمجمل)، وإن لم يثبت عرف شرعي، فإن ثبت فيه عرف لغوي وهو أن مثله يقصد منه نفي الفائدة والجدوى نحو: لا علم إلا ما نفع ولا كلام إلا ما أفاد فيتعين فلا إجمال، وإن قدر انتفاء العرفين فالأولى حمله على نفي الإجزاء دون الكمال؛ لأن ما لا يصح كالعدم في عدم الجدوى بخلاف ما لا يكمل فكان أقرب المجازين إلى الحقيقة المتعذرة فكان ظاهرا فيه فلا إجمال.

  فالجواب: على المخالف أن اختلاف العرف والفهم إنما كان للاختلاف في أنه ظاهر في الإجزاء أو في الكمال فكل صاحب مذهب يحمله على ما هو الظاهر فيه عنده لا أنه متردد بينهما، ولو سلم فلا نسلم أنه على السواء بينهما بل نفي الإجزاء راجح بما ذكرنا من أنه أقرب إلى نفي الذات.

  واعلم أن الدواري لم ينقل عن أبي الحسين هنا مثل ما نقله عنه المصنف، بل ذكر في آخر مسألة الأعمال بالنيات ما لفظه: فائدة فصل أبو الحسين بين لا صلاة إلا بنية ولا عمل إلا بنية، فقوله لا صلاة له ظاهر يتعلق به؛ لأن اسم الصلاة شرعي، والنبي ÷ نفاها إلا مع النية فما وقع مع عدمها فليس بصلاة، وقوله لا عمل إلا بنية لا ظاهر له يتعلق به؛ لأن العمل لم يعدم لفقد النية؛ لأنه اسم لغوي، وإذا لم يفد النفي زوال العمل وعدم وقوعه، بقي أن المراد عدم حكم من أحكامه، وأحكامه متعددة، ولا يراد بأجمعها، والمراد واحد منها، وهو غير معين، وكان ذلك مجملا. انتهى.

  وذلك نص من أبي الحسين على نفي الإجمال في نحو: «لا صلاة إلا بفاتحة