[تأخير البيان والتخصيص والتقييد عن وقت الحاجة]
  ويجيء فيه ما ذكروا بعينه ومدفوع بأن سامعه ممنوع من القطع بظاهره كما قلنا: أن المجتهد لا يعمل بظاهر العام حتى يبحث.
  وقد تبين ظهور اندفاع ذلك بغير اشتراط تقدم البيان الإجمالي ومن دون تخصيص الخبر بالمنع بناء على أن ذلك إنما يرد في جَنْبَته.
  (مسألة:) إذا جوزنا تأخير البيان وعدم البيان إلى وقت الحاجة فإسماع العام المكلف الذي يشمله العام مع عدم إسماع المخصص ذلك المكلف إلى وقت الحاجة أجدر بالجواز؛ لأن عدم الإسماع أسهل من العدم، هذا معنى ما ذكره العض، د وإن كان بعضهم لم يتعرض لذكر المفعول به للإسماع.
  وإما بناء على المنع من تأخير البيان فقد اختلف في جواز إسماعه مع عدم إسماع المخصص.
  فقال (أبو هاشم والقاضي عبدالجبار والنظام:) إنه (يجوز تأخير إسماع الخاص عن إسماع) العام، وهو المختار.
  وقال (أبو الهذيل(١) وأبو علي وأبو هاشم قديم قوليه: لا) يجوز ذلك، لنا: لو لم
(١) محمد بن الهذيل بن عبد الله بن مكحول العلاف البصري المعتزلي أبو الهذيل، وقيل اسمه أحمد، وكان من أجلاد القوم رأساً في الاعتزال، ومن المعتزلة فرقة ينسبون إليه يعرفونه بالهذيلية يقولون بمقالاته، زعم أن أهل الجنة تنقطع حركاتهم حتى لا يتكلموا كلمة وينقطع نعيمهم وكذلك أهل النار خمود سكوت وتجتمع اللذة لأهل الجنة والآلام لأهل النار في ذلك السكون، وهذا قريب من مذهب جهم بن صفوان فإنه حكم بفناء الجنة والنار، وإنما التزم أبو الهذيل هذا المذهب لأنه لما التزم في مسألة حدث العالم أن الحوادث التي لا أول لها كالحوادث التي لا آخر لها إذ كل واحد منهما لا يتناهى قال: إني لا أقول بحركات لا تتناهى بل يصيرون إلى سكون دائم، فظن أن ما التزم من الإشكال في الحركة لا يلزمه في السكون وغلط في ذلك، بل هو لازم، فلا فرق في امتناع عدم التناهي بين الحركات والسكون، وأثبت إرادات لا في محل وهو أول من أحدث هذه المقالة وتابعه عليها جماعة من المتأخرين، وقال: بعض كلام البارئ لا في محل وهو قوله كن وبعضه في محل كالأمر والنهي والخبر والاستخبار، وابتدع القول بأن المقتول بالسيف أو غيره لم ينته أجله ولا =