القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[صيغ العقود إخبار أم إنشاء]

صفحة 268 - الجزء 1

  إذا عرفت ذلك، فاعلم أن العلماء اتفقوا على انحصار الخبر في الصادق والكاذب خلافاً للجاحظ، ثم اختلف القائلون بالانحصار.

  فذهب الجمهور إلى ما قصده المصنف أن الحكم إن طابق الواقع فصدق وإلاَّ فكذب، من غير نظر إلى الاعتقاد والخلو عنه.

  قال النظام ومن تابعه: إن كان المخبر معتقدا لما أخبر به فخبره صدق وإلاَّ فكذب، ولا عبرة فيهما بمطابقة الواقع وعدمها، وقول القائل السماء تحتنا، معتقدا لذلك صدق، وقوله السماء فوقنا، غير معتقد لذلك كذب.

  و (الجاحظ⁣(⁣١)) لما أنكر انحصار الخبر في الصدق والكذب، أثبت الواسطة، وتحقيق كلامه أن الخبر إما مطابق للواقع أو لا، وكل واحد منهما: إما مع اعتقاد أنه مطابق، أو اعتقاد أنه غير مطابق، أو بدون الاعتقاد، فهذه ستة أقسام، واحد منها صادق، وهو المطابق للواقع مع اعتقاد أنه المطابق وواحد كاذب، وهو غير مطابق مع اعتقاد أنه غير مطابق، والمخبر (الجاهل) الذي يطابق خبره الواقع مع اعتقاد عدم المطابقة، أو بدون الاعتقاد، أو لا يطابق مع اعتقاد المطابقة، أو بدون اعتقاد (ليس) خبره (بكاذب و لا صادق).

  (لنا قول عائشة) وغيرها من أهل اللغة: (فلان يكذب ولا يعلم أنه يكذب) وذلك نص على خلاف ما زعم المخالف⁣(⁣٢).


(١) الجاحظ: هو: عمرو بن بحر الجاحظ، أبو عثمان، كناني، وقيل مولى لكنانة، أخذ عن النظام، كان نسيج وحده في جميع العلوم، جمع بين علم الكلام والأخبار والفتيا والعربية وتأويل القرآن وأيام العرب مع ما فيه من الفصاحة، وكان حريصاً على العلم، من الطبقة السابعة من طبقات المعتزلة، وهو من معتزلة البصرة، له الكثير من المؤلفات في التوحيد والنبوءة والإمامة وغير ذلك. توفي سنة (٢٥٥ هـ) في أيام المهتدي. (تمت حاشية صفوة الاختيار في أصول الفقه: /ج ١/ص ١٦٦). من المكتبة الشاملة.

(٢) أي: وهذا نص على خلاف ما زعم الجاحظ. (تمت منهاج الوصول إلى معيار العقول ص ٤٦٦).