القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[شروط التواتر]

صفحة 278 - الجزء 1

  وقد يعارض بما تقدم، ويمنع بأن اللعان تعبد، وإن حصل العلم بخبر الزوج، ألا ترى أن الحدود لا تقام على مُرْتَكِبِيْهَا حيث يعلم الإمام أو الحاكم موجبها يقينا بالمشاهدة.

  وأنت خبير بأن المقام الأول مغن عن الثاني لأن الكل خبر واحد بل ما ثبت هناك ثبت هنا بالأولى.

  الظاهرية قالوا: يجب العمل به إجماعاً، ولو لا أنه مفيد للعلم غير مقتصر على الظن لما وجب العمل به، بل لم يجز لقوله تعالى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}⁣[الإسراء: ٣٦]، والنهي للتحريم وقال: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ}⁣[الأنعام: ١٤٨]، في معرض الذم فدل على حرمته.

  قلنا أما أولاً: فإن المتبع إنما هو الإجماع على وجوب العمل بالظواهر، وأنه قاطع.

  وأما ثانياً: فإن ظاهرهما في العموم مؤول بتخصيصه بما المطلوب فيه العلم من أصول الدين لا ما يطلب فيه العمل من أحكام الشرع.

  النظام ومن معه قالوا: لو أخبر ملك بموت ولد له مشرف على الموت وانضم إليه القرائن من صراخ وجنازة وخروج المخدرات على حال منكرة غير معتادة دون موت مثله وكذلك الملك وأكابر مملكته فإنا نقطع بصحة ذلك الخبر ونعلم به موت الولد نجد ذلك من أنفسنا وجداناً ضرورياً لا يتطرق إليه الشك.

  واعترض عليه: بأن العلم إنما حصل بالقرائن كالعلم بخجل الخجل ووجل الوجل.

  وأجيب: بأنه حصل بالخبر بضميمة القرائن إذ لولا الخبر لجوزنا موت شخص آخر.

  واعلم أن العدالة ليست شرطا في إفادة مثل هذا للعلم، وإنما زدنا قيد العدل؛