القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[حكم من يعتريه السهو والغفلة]

صفحة 314 - الجزء 1

  (مثاله: إنكار الزهري)⁣(⁣١) ما رواه ابن جريج⁣(⁣٢) عن مسلم عن موسى عن الزهري عن عائشة عن النبي ÷ أنه قال: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها» وتمام (الخبر) فنكاحها باطل فأنكره الزهري (وقد رواه عنه مسلم).

  (و) مثل ذلك (إنكار سهيل) بن أبي صالح (حديث القضاء بالشاهد واليمين وقد رواه عنه ربيعة⁣(⁣٣)، ثم كان) سهيل (يرويه) عن ربيعة (ويقول حدثني ربيعة عني) أني حدثته عن أبي أنه قال: إنه ÷ قضى باليمين مع الشاهد.

  وهذان المثالان إنما يدلان على الوقوع لا على وجوب العمل به إذ لم يذكر في ذلك تصويب الرواية عن الناسي مع أنه لو صوب لم تكن حجة إذ لا إجماع؛ لانتشار الأمة، فلعل بعضهم لو سمعه لم يرتضه هذا إذا أخبر الفرع عن علم والأصل لم يقطع بأنه ما روى، بل ظن أو اشتبه الحال عليه، أو أنكر إنكارا مجردا عن العلم، أما إذا قال الأصل: لم أرو له هذا بيقين.

  قيل: فالاتفاق على أنه لا يعمل بذلك الحديث لأن أحدهما كاذب قطعا من غير تعيين ولا يقدح في عدالتهما؛ لأن واحدا منهما بعينه لم يعلم كذبه، وقد كان عدلا


(١) الزهري: هو محمد بن مسلم بن عبيدالله بن شهاب بن عبدالله بن الحارث بن زهرة الزهري القرشي، أبو بكر المدني.

عرف بالنصب ونفرت الأمويين. وتوفي في شهر رمضان سنة (١٢٤ هـ). (تمت من المصابيح وصفوة الاختيار). من المكتبة الشاملة.

(٢) ابن جريج، هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الرومي، الأموي مولاهم المكي، الفقيه صاحب التصانيف، وأحد الأعلام، أدرك صغار الصحابة، ولم يحفظ عنهم. قال أحمد: كان من أوعية العلم وثقه ابن معين إذا روى من الكتاب وقال أحمد: هو أول من صنف الكتب، ولد سنة نيف وسبعين، وقيل: ثمانين، وتوفي سنة خمسين ومائة، وقيل: إحدى وخمسين، وقيل: تسع وأربعين، وقد جاوز المائة. (تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبين/١/ ١٠٠). من المكتبة الشاملة.

(٣) ربيعة بن عبد الرحمن، فقيه اشتهر بربيعة الرأي توفي عام (٢٣٦ هـ/٧٥٤ م) انظر: خلكان: وفيات الأعيان/١/ ٢٢٨ - ٢٢٩.