[الأدلة على جواز التعبد بالقياس]
  وأنت تعلم أنه لم يبن على القياس فيها غير قول واحد(١) ومن ذلك أن أبابكر ورَّث أم الأم دون أم الأب، فقيل له تركت التي لو كانت هي الميتة ورث جميع ما تركت لأن ابن الابن عصبة وابن البنت لا يرث، وحاصله أن هذه أقرب فهي أحق بالإرث فرجع إلى التشريك بينهما في السدس، ومنه أن عمر ورَّث المبتوتة(٢) في مرض الموت بالرأي، ومنه: أن عمر شك في قتل الجماعة بالواحد فقال له علي أرأيت لو اشتركت جماعة في سرقة أكنت تقطعهم، فقال نعم، فقال وكذا ههنا، فرجع إلى قول علي وحكم بالقتل، وذلك كثير لا يحصى كثرة، ولسنا ههنا لإحصائها، بل للتفهيم والتعليم، ويكفينا هذا القدر.
  (ومنه قول أبي بكر في الكلالة أقول فيها برأيي) فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان والله منه بري، الكلالة ما خلا الولد والوالد.
  (و) قول (عمر) أيضا (أقضي فيها برأيي و روي) العمل بالرأي (عن علي في أم الولد) حيث قال كنت أرى ألا تباع ثم رأيت جواز بيعها.
  (و) عن (ابن مسعود فى حديث الأشجعية) بروع بنت واشق التي عقد لها من دون تسمية ثم مات بعلها بعد الدخول فإنه لما سئل عن شأنها تردد شهرا ثم قال (أقول فيها برأيي) وقضى لها بمثل مهر نسائها والرأي إذا أطلق فهم منه القياس والاجتهاد فثبت أن التعبد بالقياس قد ورد.
  فإن قيل: إن تلك الأخبار لا تدل على العمل بالقياسات المذكورة ولعل العمل فيما ذكرتم من الصور بغيرها وكان الاجتهاد في دلالة النصوص لخفائها كحمل العام على الخاص والمطلق على المقيد وإثبات المفهوم.
(١) وهو قول عمر. تمت من هامش المخطوطة [أ].
(٢) هي المطلقة ثلاثاً. تمت من شرح العضد.