القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الأدلة على جواز التعبد بالقياس]

صفحة 434 - الجزء 1

  ظني وإن ترك # هذا الجواب بناء على عدم الفرق بين العلمي والظني في أن كلا منهما حكم الله تعالى، وقد يفرق بكثرة احتياج الظني إلى إعمال النظر وتكرير الفكر فلذا يضاف ما تولد منه إلى الناظر للملابسة واختلاف الآراء فيه، وليس كذلك العلمي.

  قالوا ثانيا: قال ÷ «لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك»، وهو صريح في أن الأمر وعدمه إليه، وأنه سئل في حجة الوداع: أحجنا هذا لعامنا أو للأبد فقال بل للأبد، ولو قلتُ: نعم لوجب وهو صريح أن قوله المجرد من غير وحي يوجب، وأنه لما قتل النضر بن الحارث صبرا، ثم أنشدته ابنته:

  ما كان ضرك لو مننت وربما ... من الفتى وهو المغيظ المحنق⁣(⁣١)

  الأبيات رق لها ÷ وبكى، وقال «لو جئتني قبل لعفوت عنه»، ثم قال لا يقتل قرشي بعدها صبرا فدل على أن القتل وعدمه إليه.

  قلنا: يجوز أن يكون قد خير في هذه الصور على التعيين بأن قيل له لك أن تأمر بالسواك وألا تأمر وأن تجعل الحجة للعام والأبد، وأن تقتل النضر، وأن تعفو عنه.

  قال سعد الدين: ولا يلزم من هذا جواز التفويض مطلقا.

  وقال مويس ومن معه: إن ذلك كان للنبي ÷ لعلمه سبحانه أنه لا يختار إلا الصواب ثم ثبت ذلك لصالح أمته.

  قلنا: لا نسلم الأصل ولو سلم فلا إلحاق مع وجود الفارق وهو ثبوت العصمة في الأصل دون الفرع.

  مسألة: إذا نص الشارع على علة الحكم فهل يكفي ذلك في تعدية الحكم بها فيكون إذنا من الشارع في هذا القياس المخصوص وإعلاما بحجيته وإيجابا للعمل


(١) هذا البيت من ترثيتاً لقتيلة بن النظر بن الحارث لمَّا قيل أخيها فجاءته وأنشدته وارثته. تمت.