[الخلاف في جواز نقض العلة مع بقاء ظن العلية على مذاهب]
  فقيل المانع البياض، أو الشرط السواد.
  فقد علم أن العلة كونه موزونا مع أنه ليس بأبيض أو مع أنه أسود، فلا يكون كونه موزونا هو العلة بل جزء العلة.
  واعترض بأنه لا يلزم من كونه لابد منه أن يكون جزء من العلة، إذ المراد بالعلة الباعثة وليس ذلك من الباعث في شيء، وعلى هذا فيرجع النزاع لفظياً مبنياً على تفسير العلة، فإن فسرت بالباعث على الحكم جاز النقض، وإن فسرت بما يستلزم وجوده وجود الحكم لم يجز.
  ثاني المذاهب، وهو الذي ذهب إليه (أبو طالب وأبو عبدالله البصري ومالك وقدماء الحنفية) أنه (يجوز) نقض العلة الشرعية و (تخصيصها) مطلقا، (إذ هي أمارة) على الحكم بجعل جاعل، (فجاز) أن يجعلها أمارة في مكان دون مكان، فيثبت (اقتضاؤها الحكم في موضع دون موضع)، كما أن خبر الواحد أمارة مع عدم نص القرآن لا مع وجوده.
  ثالثها: وهو الذي ذهب إليه (أكثر أصحاب الشافعي)، أنه (يجوز) النقض (في المنصوصة إذ هي كالعموم) و (لا) يجوز (في المستنبطة).
  رابعها: عكسه فيجوز في المستنبطة ولو بلا مانع، أو عدم شرط دون المنصوصة.
  خامسها: يجوز في المستنبطة بمانع، أو عدم شرط دون المنصوصة.
  سادسها: أنه يجوز مطلقا إذا كان ثم مانع، أو عدم شرط؛ لأن العلة لا تثبت عند التخلف إلا ببيان أحدهما؛ لأن انتفاء الحكم إذا لم يكن لمانع ولا عدم شرط فهو لعدم المقتضي قطعا، فلو كان الوصف مقتضيا لثبت الحكم في صورة النقض ولم يثبت فليس مقتضيا لكن في المستنبطة يجب العلم به بعينه وإلا لم تظن العلية، وفي المنصوصة لا يجب، ويكفي في ظن العلية تقديره.