[الكلام في المسائل الظنية العملية في التصويب]
  هل يجوز أن ينقض بالاجتهاد أو لا؟
  (و) الأصح أنه (لا ينقض حكم) حاكم (باجتهاد)، فلا يجوز من المجتهد نقض حكم نفسه، إذا تغير اجتهاده، ولا حكم غيره إذا خالف اجتهاده اجتهاده، حتى أنه (قيل) وروي أن ذلك لا يجوز (إجماعا) وكأن الناقل للإجماع لم يعتد بخلاف الأصم، إما لانقراضه بموته، أو لسبق الإجماع قبل ظهور خلافه، وإنما منعنا نقض الأحكام (للتسلسل) إذ يجوز نقض الحكم الذي هو النقض، وهكذا لا إلى نهاية (فتفوت مصلحة نصب الحاكم) وهو فصل الخصومات، هذا ما لم يكن مخالفا لقاطع، فإذا خالف نصا قطعيا، أو إجماعا، أو قياسا جليا، نقض اتفاقا.
  ولو حكم مجتهد بخلاف اجتهاده كان حكمه باطلا، وإن قلد فيه مجتهدا آخر، وذلك لأنه يجب عليه العمل بظنه.
  ولا يجوز له التقليد مع اجتهاده إجماعا، إنما النزاع في أنه هل يجوز للمجتهد أن يقلد مجتهدا آخر في مسألة بعد اجتهاد هذا الآخر فيها فيحكم أو يفتي أو يعمل على وفق اجتهاده من غير أن يجتهد بنفسه، (وسيأتي) في باب القضاء من كتاب الأحكام زيادة تفصيل في (ما ينقض) الحكم (به).
  وأما المجتهد إذا أداه اجتهاده إلى حكم في حق نفسه كتجويز نكاح المرأة بلا ولي فنكحها كذلك، ثم تغير اجتهاده فرآه غير جائز، فقد اختلف فيه:
  فقيل: بتحريمه مطلقا، إذ لو لم يحكم بتحريمه كان ذلك المجتهد مستديما لما يعتقد تحريمه، وهو باطل.
  وقيل: إنما يحرم إذا لم يتصل به حكم حاكم، فإذا اتصل به لم يحرم، إذ لو حرم بعد اتصال حكم حاكم بصحته كان ذلك نقضا لحكم ذلك الحاكم باجتهاد هذا المجتهد، ومن قواعدهم أن الاجتهاد لا ينقض الاجتهاد.
  فإن قيل: أليس الحكم بالتحريم عند عدم اتصال حكم الحاكم بالصحة نقضاً