القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[اللفظ إذا دار بين المجاز والاشتراك]

صفحة 58 - الجزء 1

  عن مخالفة ظاهرة؛ لأنه ليس ظاهرا في معنييه، والمجاز مخالف للحقيقة وهي الظاهر، وبأنه أبعد عن الغلط حيث لا قرينة، والمجاز عند عدمها يحمل على الحقيقة، وإن لم تكن مرادةً.

  وقد يكون أوجز كالعين بالنسبة إلى الجاسوس، وأوفق بالطبع لكونه أعذب على اللسان كالليث بالنسبة إلى الغضنفر فإن الليث مشترك بين الحيوان المفترس وبين ضرب من العناكب، أو بالمقام كما إذا أقتضى الإجمال والإبهام نحو، اشتر العين، دون أن يقول الذهب أو البصر، ويتوصل به إلى أنواع البديع كالتوجيه، وهو إيراد الكلام محتملا لمعنيين مثل: إسبر عينك.

  والمجانسة نحو: رحبة رحبه، بخلاف واسعة.

  والروي، نحو: غيث مع ليث دون اسد.

  والمقابلة، نحو: فمثل كثير في الرجال قليل⁣(⁣١).

  إذا جعلنا الأعلام المنقولة من قبيل المشترك.

  والمطابقة قال سعدالدين نحو، كلما ضرب له مثلا ضرب في الأرض مهلا، ولو قلت بين له لم يكن طباقاً، قال وفيه نظر.

  فإن قيل: المناسب أن يبين كونه أوجز وأوفق من المجاز لأن الكلام فيه.

  قلنا: بل المقصود أن المشترك قد يكون مثلا أوجز من غيره في الجملة، كما أن المبين في المجاز قد يكون أوجز من غيره وإن لم يكن مشتركا، وهذه المعارضة صحيحة قوية إلا أنه ليس فيها ما يقاوم الأغلبية.

  بيان ذلك أن الغرض من ذكر وجوه الترجيح هو أن الحمل على ما يشتمل عليها أولى؛ لكونه مظنة للغلبة والكثرة في الكلام وعند تحقق انتفاء الغلبة والكثرة


(١) صدره: فقلت دعوني والعلا نبكهِ معّا. (تمت من هامش المخطوطة [ب]).