القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الكلام في المسائل الظنية العملية في التصويب]

صفحة 599 - الجزء 1

  فالذي ذهب إليه (أبو علي) أولاً (وأكثر الحنفية والشافعية و) هو خلاف المختار هو أن (الأشبه في المسألة المختلف فيها ثابت) وهو الذي أمرنا بتطلبه وبذل الجهد في العثور عليه (وإن) عزب عنا بيانه إذ (لم نكلف) إلا بتطلبه لتعلق المصلحة به ولم يوجب علينا (إصابته) من حيث أنه لا يمكنا الوقوف عليه بدلالة تعرفنا به ولا أمارة لأنه إنما يوقف عليه على جهة الاتفاق كنصاب يصاب، فلهذا أُعذرنا إذا أخطأناه.

  ومنهم من لم يمنع أن تتعلق المصلحة بغيره حيث احتجب عن الناظر وأن يوقف عليه بالفحص وإمعان النظر.

  (و) قد ذكر له تفسيران:

  أحدهما: أنه (هو الذي لو نص الله على حكم) المسألة (لنص عليه).

  وأنت تعلم أن في ذلك تعريف الحكم بنفسه، وذلك دور.

  وثانيهما: أنه هو الذي من أداه اجتهاده إليه كان أكثر ثوابا وقرينة ذلك قوله ÷: «من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد» وهو أيضا دليل في محل النزاع.

  فإن قيل: إن الحديث إنما يدل على أن لله حكما في الواقعة فمن أصابه فهو المصيب ومن أخطأه فهو مخطئ، وذلك هو عين ما ذهب إليه المخطئة، وقد نفيتموه فلا يصلح حجة على ما ذكرتموه.

  قلنا: بل هو يدل على أنه لا حكم لله فيها، وإلا لما استحق المخطيء له الحاكم بغيره أجرا، فإنه إنما أكتسب ذنباً ووزراً، وإطلاق اسم الخطأ على جهة الإضافة إلى مطلوبه لا إلى ما وجب عليه، كما يقال لمن أداه تحريه إلى غير جهة القبلة إنه أخطأ، وليس الواجب إلا استقبال جهة يظن أن مطلوبه فيها، ولا يخفى أنه إنما تستقيم الإجابة بذلك حيث أراد المخطئة بالخطأ، ما يقال في مقابلة الصواب، لا ما يقال