القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[جواز تعبده ÷ بالاجتهاد]

صفحة 615 - الجزء 1

  الاجتهاد، وجواز المخالفه من لوازم أحكام الاجتهاد، إذ لا قطع بأنه حكم الله لاحتمال الإصابة والخطأ، وجواز مخالفته باطل بالإجماع، وما ذلك إلا لأن ما قاله ليس من أحكام الاجتهاد.

  (قلنا: لا مانع) من أن يقترن بالاجتهاد قاطع، يمنع من جواز المخالفة، ألا ترى أن اقتران الإجماع بالاجتهاد يخرجه عن أن تجوز مخالفته، وكذلك اجتهاد الرسول قد اقترن به قوله، وهو قاطع فيحرم لذلك مخالفته، فلا يكون جواز المخالفة من لوازم أحكام الاجتهاد مطلقا، بل حيث لم يقترن به قاطع، فلا يلزم جواز مخالفته ÷.

  (فرع:) الخلاف في الوقوع على مذاهب:

  أولها: وهو قول أهل (المذهب) إنه قد وقع في الآراء والحروب، وأمور الدنيا (ولا قطع بوقوعه، ولا انتفائه) في الأحكام الشرعية التي لا تتعلق بذلك.

  ثانيها: وبه قال (أبو علي وأبو هاشم وأبو عبد الله البصري بل) نقطع أنه (لم يكن) منه ÷ ذلك.

  ثالثها: وهو قول (الشافعي وأبو يوسف بل قد وقع) مطلقا، وإليه ذهب ابن الحاجب وغيره من المحققين.

  (قلنا: لا دليل) على الوقوع (إلا في الآراء والحروب) وأمور الدنيا من ذلك أُذنه للمتخلفين بالتخلف، ولولا أنه عن اجتهاد لما عوتب عليه بقوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ}⁣[التوبة: ٤٣] إذ مثل ذلك لا يكون فيما علم بالوحي، وأما ما عدا ذلك فلا دليل على وقوع الاجتهاد فيه، والأصل عدمه.

  قالوا قال تعالى: {لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ}⁣[التوبة: ٤٣]، وقال ÷: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي» وسوق الهدي حكم شرعي، إي لو علمت أولاً ما علمت آخراً، لما فعلت، ومثل ذلك لا يستقيم، إلا فيما عمل بالرأي.