(فصل) [في الأحكام الشرعية ومتعلقاتها]
  وقد يقال إن أردتم استحقاق ذم الشارع بنصه عليه فلا يوجد في الجميع، إذ لا نص في كل واجب أو بنص أهل الشرع فدور؛ لأنه إذا عرف بذمهم وهم لا يذمون ما لم يعرفوا الوجوب، ولا يعرف الوجوب ما لم يعرف الذم كان دورا أو ذم العقلاء، فكذلك يلزم الدور، إذ لا يذمون على ترك كثير من الواجب الشرعي ما لم يعرفوا الوجوب، ولا يعرفون الوجوب ما لم يعرفوا الذم.
  (والقبيح) ويقال لما عُرِفَ منه شرعا، المحظور وهو: (ما لِفِعْلِهِ مدخلٌ في استحقاقِ الذَّمِ) فيدخل ما يقبح في حال دون حال كأكل الميتة ويرد عليه نحو ما ورد في قسيمه الواجب.
  (والمندوب: ما عُرِّف المكلَّف حسنَهُ لا مع تحتُّمِ وأن لهُ في فِعِلْهِ ثواباً).
  وقولنا: لا مع تحتم ليخرج الواجب، وقلنا وأن له في فعله ثوابا ليخرج المباح والمكروه، وإلا لكان غير مانع لدخولهما فيما عُرِّفَ المكلف حسنه.
  (والمكروه: ما عُرِّف) المكلَّف (حُسْنِهِ وأن له في تركه ثوابا)، وقد عرفت فائدة القيود.
  (والمباح: ما عُرِّف حسنه ولا ترجيح لِفِعْلِهِ على تركه)، وقد مر ماذا يعرف به فائدة الحد، وقد يناقش بأنه غير جامع لدخول المكروه، فلو زاد ولا لتركه على فعله؛ لخرج وبأن ما عُرِّف حسنه حشو، إذ يخرج القبيح أيضا من بقية الحد.
  اللهم إلا أن يقصد دخول الواجب ثم خروجه على ما هو جار في الجنس والفصل، ومثل هذا يرد في حد المندوب مع أدنى تصرف في بقيته.
  وقالت الأشاعرة: الحكم خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين فالخطاب توجيه الكلام نحو الغير للإفهام وبإضافته إلى الله تعالى خرج خطاب من سواه إذ لا حكم إلا حكمه وليس للعقل حكم عندهم كما هو رأي المعتزلة، إذ الرسول والسيد إنما وجب طاعتهما بإيجاب الله تعالى إياها، وقولهم المتعلق بأفعال المكلفين