القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

(فصل) [في الأحكام الشرعية ومتعلقاتها]

صفحة 657 - الجزء 1

  ليخرج ما ليس كذلك.

  قال سعد الدين: لا خفاء في أنَّه إن أُجري على ظاهره لم يتناول شيئا من الأحكام إذ لا يصدق على حكم ما أنَّه خطاب متعلق بجميع أفعال المكلفين فالمراد تعلقه بفعل منها، وحينئذٍ تدخل خواص النبي ÷ وغيرها فورد على حدهم هذا مثل قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ٩٦}⁣[الصافات]، فإنه داخل في الحد، وليس بحكم، فبطل طرده فزيد عليه قيد يُخصصه، ويُخرج عنه ما دخل فيه من غير أفراد المحدود وهو قولهم بالاقتضاء أو التخيير ليندفع النقض فإن قوله: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ٩٦}⁣[الصافات] ليس فيه اقتضاء ولا تخيير، إنما هو إخبار بحال له فورد عليهم كون الشيء دليلا مثل الإجماع والقياس لما يجب بهما أو سببا، مثل دلوك الشمس للصلاة والزنا لوجوب الجلد، أو شرطا كطهارة المبيع لصحة البيع، فإنها تخرج من الحد مع أنها من أفراد المحدود فبطل عكسه، فزيد عليه ما يعممه فيدخل فيه ما خرج عنه من أفراد المحدود، وهو قولهم أو الوضع.

  فقالوا: المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع فإن الأحكام التي ورد النقض بها كلها من وضع الشارع وتحصل بجعله.

  وعند ذلك إستقام الحد لإطراده وإنعكاسه.

  قال بعضهم: فإن قيل هب أن ما خرج بقيد الاقتضاء أو التخيير دخل بقيد أو الوضع، لكن من الأسباب والشروط ما ليس فعل المكلف كدلوك الشمس وطهارة المبيع ونحو ذلك.

  قلنا: المراد بالتعلق الوضعي أعم من أن يجعل فعل المكلف سببا أو شرطا لشيء مثلا، أو يجعل شيء سببا أو شرطا له، ومنهم من لم يزد هذا القيد وأدعى أن هذه الأحكام لا ترد نقضا؛ لأن خطاب الوضع يرجع إلى الاقتضاء والتخيير، إذ معنى جعل الإجماع دليلا أقتضاء العمل به وجعل الزنا سببا لوجوب الجلد هو وجوب