[حصر أصول الفقه في أبواب عشرة]
  ثم تكلم فيما يشترك فيه من السند والمتن، فالمتن ما تتضمنه الدلالة من أمر ونهي، وعام وخاص، ومجمل ومبين، ومنطوق ومفهوم، وناسخ ومنسوخ.
  والسند هو: الإخبار عن طريق المتن من تواتر أو آحاد، مقبول أو مردود؛ ولما كان الطريق إلى الشيء مقدما عليه طبعا قدم باب الإخبار وضعا، ثم بحث عن بقية الأدلة ثم عن الاجتهاد ومقابله وهو التقليد، ثم عن الترجيح.
  وقد يُقال: إذا كان الاجتهاد خامس الأدلة السمعية وطريقاً موصلا مثلها إلى الأحكام الشرعية فما باله # لم يجعل له بابا على حياله، كغيره من أنواع تلك الأدلة فإنه لا أقل من ذلك، لاسيما وهو في الحقيقة لضعفه أحوج منها، فما المخصص، وما العلة، وما الملجيء إلى أن يشير إليه فقط في باب الاجتهاد مقابل التقليد بأخف إشارة ويقتصر على التعبير عنه فيه بأقل عبارة؟!
  وإذ قد عرفت أنه قمين باستيعاب القول فيه والاستكمال فلنتخذ له باباً على الاستقلال ولْنُسَمِّه بالاستدلال لا استدراكاً على المصنف في تسميته، بل عدولا إلى امتياز كل باب عند فهرسته ونُؤسسَّهُ إن شاء الله تعالى على خير أساس ونصله بباب القياس.
  وقد خرجنا عن المقصود، وعدلنا عن النهج المورود، فأسهبنا بعض الإسهاب، وملنا هنا عن الإيجاز إلى الإطناب، اقتفاءً لأثر الأصحاب، وإن كان مثل ذلك قليل الجدوى، والاهتمام بغيره أهم وأولى، مع أنه غير عديم الإفادة، والانخراط في سلك الإجادة.