القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[فصل: في الأمر]

صفحة 75 - الجزء 1

  وقال: (أبو الحسين وغيره لا صفة له) بكونه أمرًا (بل يتميز) عن التهديد، وغيره (بإرادة المأمور به)؛ لأن المتهدد مثلاً لا يريد ما تناولته.

  قلنا: ذلك مردود، فإن المريد للمأمور به (إن أراده قبل أن تتناوله) صيغة الأمر (لم يتميز بها) عن التهديد ونحوه، (إذ) الأمر والإرادة (لا علقة) حينئذٍ (بينهما)؛ لأن الإرادة معه ومع التهديد قبل وجودهما على سواء ولا وجه يقتضي اختصاصها بأيهما حينئذٍ، (وإن أراده بعد ما تناولته) الصيغة (لم يصح) أن يريد ما تناولته، (إلا بعد مصيرها أمراً) لأنها لا تتناوله إلا على جهة الطلب، وذلك معنى الأمر، (فيدور)⁣(⁣١).

  وبيانه أنها لا تصير الصيغة أمراً حتى يراد ما تناولته، ولا يراد ما تناولته إلا وقد صارت أمراً.

  لا يقال: تصير أمراً بوجود الصيغة حال الإرادة وهو دور معية، والمحال دور التوقف.

  لأنا نقول: إن أريد بالصيغة الطلب فقد صارت أمراً، وإن لم يرد بها الطلب فهي وسائر الألفاظ مع تلك الإرادة على سواء، فيلزم لو أورد صيغة خبرية عند إرادته لفعل يقع من غيره أن يكون أمراً إذ المؤثر ليس إلا الإرادة، وقد وجدت.

  لا يقال: إنما تصير أمراً ما قارنها وهو صيغة مخصوصة.

  لأنا نقول: إن وضعت تلك الصيغة للطلب فقد صارت أمراً من قبل الإرادة، فلا يحتاج إلى الإرادة في مصيرها أمراً، وإن وضعت لتفيد الطلب مقارنة للإرادة


(١) أي فيلزم الدور. الدور: هو توقف الشيء على ما يتوقف عليه وسمى الدور المصرح. كما يتوقف [أ - على - ب] وبالعكس، أو بمراتب ويسمى الدور المضمر، كما يتوقف [أ على ب، وعلى ح، و ج على أ]. الفرق بين الدور وبين تعريف الشيء بنفسه، وهو أن في الدور يلزم تقدمه عليها بمرتبتين إن كان صريحاً. وفي التعريف الشيء بنفسه يلزم تقدمه على نفسه بمرتبة واحدة. انظر الجرجاني: التعريفات: ص ١١٠ - ١١١. (حاشية منهاج الوصول إلى معيار العقول ص ٢٤٧ - ٢٤٨).