القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[فصل: في الأمر]

صفحة 81 - الجزء 1

  (احتجاج الصحابة بظواهر) صيغ (الأوامر) مطلقة، مجردة عن القرائن (على الوجوب)، وقد تكرر ذلك وشاع وذاع، ولم ينكر عليهم أحد، وإلا لنقل، وذلك يوجب العلم العادي باتفاقهم كالقول الصريح.

  لا يقال: لعل الاستدلال على الوجوب كان بغيرها، وأيضا لعلها أوامر مخصوصة علموا كونها للوجوب، وأيضاً فقد جعلوا كثيراً من الأوامر دليلاً على الندب دون الوجوب، فلا يكون ذلك مؤذناً بالمطلوب؛ لأنا نقول: إنا نعلم قطعاً أن الاستدلال كان بها لظهورها في الوجوب لا لخصوصياتها، وإنما يذكر الندب عند ظهور قرائن عدم الوجوب.

  ولا يقال: إنه إنما يثمر الظن وهو لا يجدي في الأصول؛ لأنا نمنع كونه إنما يثمر الظن، وإن سلم فيكفي الظهور ونقل الآحاد في مدلولات الألفاظ وإلا تعذر العمل بأكثر الظواهر إذ المقدور فيها إنما هو تحصيل الظن بها، وأما القطع، فلا سبيل إليه البتة.

  قالوا: قال ÷: «إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم» فرده إلى مشيئتنا وهو معنى الندب.

  قلنا: بل رده إلى استطاعتنا وهو معنى الوجوب.

  القائلون بأنه مشترك، قالوا ثبت الإطلاق عليهما، والأصل في الإطلاق الحقيقة، فيكون حقيقة فيهما.

  قلنا: المجاز أولى من الاشتراك كما تقدم.

  (مسألة:) العدلية⁣(⁣١): (و) إيقاع الأمر (يجب تقدمه على) الوقت المطلوب فيه


(١) العدلية: اسم يطلق على المعتزلة لقولها بمبدأ التوحيد، والعدل. انظر: الراوي: ثورة العقل: ص ٢٤٨ - ٢٧٣. ابن المرتضى: طبقات المعتزلة: مقدمة البحر الزخار: ص ٤٣. (تمت من حاشية منهاج الوصول إلى معيار العقول. (ص ٢٥٥)).