القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[فصل: في الأمر]

صفحة 90 - الجزء 1

  مباحاً، ولا يلزم نفي المباح بالكلية.

  ثم إن القاضي ومن معه زادوا، فقالوا والنهي كذلك في الوجهين.

  قالوا أولاً: النهي عن الشيء نفس الأمر بضده لما تقدم، ولأن النهي طلب ترك فعل، والترك فعل أحد الأضداد فيكون النهي أمراً بالضد.

  وأجيب: بأنه يلزم أن يكون الزنا واجبا من حيث هو ترك لواطة؛ لأنه ضده، وبالعكس، فتكون اللواطة واجبة من حيث هي ترك الزنا، وبطلان ذلك معلوم ضرورة.

  لا يقال: إنما يلزم لو أريد أنه أمر بجميع أضداده، وأما لو أريد أنه أمر بفعل أحد أضداده على ما تشير إليه الشبهة فلا؛ لأنا نقول إن المراد بالواجب أعم من المعين والمخير، فيلزم أن يكون كل من الزنا واللواطة واجباً مخيراً مثاباً عليه إذا ترك أحدهما إلى الآخر على قصد الامتثال والإتيان بالواجب.

  وقالوا آخراً: إنه يتضمنه؛ لأنه لا يتم المطلوب من النهي إلا بأحد أضداده، كما لا يتم المطلوب من الأمر إلا بترك جميع أضداده، فيجب لتضمنه إياه.

  وأجيب: بالإلزام الفظيع، وأنه يلزم أَنْ لا مُبَاحَ والفار من طرد الحكم في النهي؛ إما لأن مذهبه أن النهي طلب نفي الفعل لا طلب الكف عنه الذي هو ضده كما هو مذهب أبي هاشم فلا يكون امراً بالضد، وإما للفرار من الإلزام الفظيع في الزنا واللواط، هكذا ذكر ابن الحاجب.

  وقد يمنع أن طلب النفي لا يستلزم طلب فعل هو أحد أضداد المنهي عنه، إذ لا يتصور تركه الفعل من غير اشتغال بفعل ما من حركة أو سكون، ولهذا لا يصح لا تفعل شيئا ما، لكونه تكليفاً بالمحال.

  (مسألة: والأمر بأشياء) متعددة متعينة (تخييراً) كخصال الكفارة، يعرف بالواجب المخير، وهو مستقيم وارد ولا نزاع فيه، إنما النزاع في أنه ماذا يجب