القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[فصل: في الأمر]

صفحة 93 - الجزء 1

  أحدها لو فعلت جميعا، وكذا العقاب حيث أخل بها جميعاً.

  (مسألة: و) الأمر (لا يقتضي مطلقه التكرار) ولا المرة فلا يدل على فعل المأمور به متكرراً ولا على فعله مرة واحدة (إلا لقرينة) خارجة عن مجرد الصيغة تدل على ذلك نحو، أكرم والديك، إذ كونهما والدين يقتضي استمرار الإكرام، ونحو اقتل زيدا، فإن القتل لا يتكرر.

  لنا: أن مدلول صيغة الأمر طلب حقيقة الفعل والتكرار، والمرة بالنسبة إلى الحقيقة أمر خارجي، فيجب أن يحصل الامتثال بالحقيقة مع أيهما حصل، ولا يتقيد بأحدهما دون الاخر، (إذ يعد ممتثلاً بمرة) واحدةٍ؛ لحصول الحقيقة ضمنها، لا لأنها تدل على المرة الواحدة بخصوصها، وبالتكرار؛ لتحقق الحقيقة في ضمنه، لا لأنها تدل عليه كذلك⁣(⁣١)، وإذا ثبت ذلك فمعنى اضرب، طلب ضرب ما، ولا يدل على صفة للضرب من تكرار أو مرة أو نحو ذلك، ولا خفاء في أن هذا عين النزاع، وأن الخصم يدعي أنها للحقيقة المقيدة بالمرة أو التكرار، ولهذا اعترضه بعضهم⁣(⁣٢) بأنه لا يدل على عدم كون الصيغة للمرة أو التكرار، بل على أن الفعل الذي هو من الأجزاء المادية لا يدل على ذلك، وهذا غير مقيد، ثم استشعر أنه كيف يدل على أحدهما، ولا خفاء في احتمالهما، ولهذا يقيد بكل منهما من غير تكرار ولا تناقض، فأجاب بأن المراد الدلالة بحسب الظهور لا النصوصية، وهو لا ينافي الاحتمال، فيقيد بما هي له؛ لدفع الاحتمال، وبخلاف ماهي له؛ للدلالة على كونها مصروفة عن الظاهر.

  (أكثر أصحاب الشافعي بل) الأمر بمجرده يدل على التكرار و (يقتضيه، إلا


(١) أي: بخصوصه. تمت من هامش المخطوطة [أ].

(٢) وهو عضدا لدين في شرحه لمختصر المنتهى بعبارة أخصر من هذه، وهذه عبارة سعدالدين التي في تفسير كلام عضد الدين. تمت من هامش المخطوطة [أ].