القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الثالث: الإجماع]

صفحة 501 - الجزء 1

  المسترشد ما يعنيه ومضيعا لوقته فيما لا يعنيه ولا يجديه.

  تذنيب من مراتب التنبيه أن يذكر الشارع وصفاًمع الحكم مناسباً له، نحو قوله ÷: «لا يقضي القاضي وهو غضبان» فإن فيه إيماء إلى أن الغضب علة عدم جواز الحكم لأنه مشوش للنظر وموجب للاضطراب، ونحو: أكرم الكرماء واستخف باللؤماء؛ وذلك لأنه عرف من الشارع اعتبار المناسبة فيغلب على الظن من المقارنة مع المناسبة ظن الاعتبار وجعله علة، هذا إذا ذكر الحكم والوصف جميعا فإنه تنبيه إجماعا، فإن ذكر أحدهما فقط، مثل أن يذكر الوصف صريحا والحكم مستنبط، مثل {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}⁣[البقرة: ٢٧٥]، فإن حل البيع وصف له قد ذكر فعلم منه حكمه، وهو الصحة، أو مِثْل أن يذكر الحكم والوصف مستنبط، وذلك كثير منه أكثر العلل المستنبطة، مثل: حُرمت الخمر، فقد اختلف في أنه هل يكون تنبيها يقدم عند التعارض على المستنبطة بغير تنبيه.

  فقيل: كلاهما، وقيل: لا شيء منهما، وقيل: الأول، وهو ذكر الوصف تنبيه دون الثاني، وهو ذكر الحكم، والخلاف لفظي مبني على تفسير التنبيه، فالأول مبني على أن التنبيه إقتران الحكم والوصف سواءً كانا مذكورين، أو أحدهما مذكوراً والآخر مقدرا، والثاني مبني على أنه لابد من ذكرهما؛ إذ به يتحقق الاقتران، والثالث مبني على أن إثبات مستلزم الشيء يقتضي إثباته، والوصف كالحل يستلزم الحكم كالصحة فيكون بمثابة المذكور فيتحقق الاقتران، واللازم لا يقتضي إثبات الملزوم فلا يكون الملزوم في حكم المذكور، فلا يتحقق الاقتران.

[الثالث: الإجماع]

  (مسألة: و) الطريق الثالث من طرق العلة (الإجماع، وهو: أن ينعقد) في عصر من الأعصار (على وجوب تعليل الحكم بعلة معينة) والظن كاف كما تقدم.

  وأنت تعلم أن لفظة وجوب في غير محلها لا يقال الإجماع على العلة بمنزلة