المسألة الخامسة
  وايضًا فهم الذين يتعصبون للشياطين في الدارين جميعًا ألا ترى انهم يمنعون من سب المغوين ولعنهم، ويقولون لِمَ تلعنون من لا تتعلق به من الاضلال، والاغواء إلا مجرد الاضافة دون المعنى، وأما في الآخرة فأنه تعالى اذا رام عتابهم على ذلك واثابتهم قالوا أنت الذي خلقت فيهم الضلال، وقدرتهم عليه بالقدرة الموجبة فلِمَ تعذبهم به، ويدل على ذلك ان القدرية اسم نسبة، والنسبة تكون نسبة قرابة كنسبة الرجل الى امه(١)، او جده، او احد قراباته المعروفة كقولهم: هاشمي، وعربي، وعلوي، وقد تكون نسبة الرجل الى حرفته، وصناعته المعروف بها، نحو، باقلاني، وقلانسي، وصيدلاني، وما يجري هذا المجرى، وقد تكون نسبته الى بلدته التي يسكنها هو، اوكان قد سكنها ابوه، وجده نحو بغدادي، وبصري، ورازي(٢)، وما يجري مجراه، وقد تكون نسبته الى لهجة تكلمه، وحرصه على تكريرها، وذلك نحو ما يقال للخارجي محكمي لولوعه وشدة حرصه على قوله لا حكم إلا لله.
  اذا ثبت هذا فوجوه النسبة كلها مفقودة في هذا الاسم إلا هذا الوجه الاخير، فالواجب ان ينظر اي القوم لهجة بالقضاء والقدر اكثر، وحرصه اشد، ومعلوم ان القوم هم الذين يولعون بالاكثار من ذلك(٣) ذكر القدر بما
(١) في الشافي: (أبيه، او جده).
(٢) في الشافي (او بصري، او رازي).
(٣) (ذلك) لم تذكر في الشافي.