البحث الثالث النص في نظرية الإمامية
  وما رواه أيضاً (٣٣٦) بسنده عن علي بن عمرو العطار قال: دخلت على أبي الحسن # وابنه أبو جعفر بحياة، وأنا أظن أنه هو الخلف من بعده فقلت له: جعلت فداك من أخص من ولدك؟ فقال: لا تختصوا أحداً حتى يخرج إليكم أمري، قال: فكتبت إليه بعد: فيمن يكون هذا الأمر؟ قال: فكتب إلي في الأكبر من ولدي.
  فهاتان الروايتان اللتان تجعلهما الإمامية من الأدلة تدلان بصورة واضحة على أن النص لا وجود له عند الإمامية.
  أما الأولى: ففيها أنه قال بعد موت ولده محمد لولده الحسن بأن الله أحدث فيه أمراً، وكأن الأمر كان لمحمد ثم أحدث للحسن، فأين النص المتقدم قبل وجود هؤلاء الأئمة؟.
  وأما الثانية: فهي صريحة بأنهم لا يعدون النص بل ولا يعلمونه فضلاً عن أن يحتجوا به، فإن علي بن عمرو العطار من رجال الإمامية وكان يظن أن الأمر لأبي جعفر محمد بن علي بن محمد فنص أبو الحسن على أنه للحسن بن علي، فلو كان للنص وجود لما ظن أن الأمر لمحمد.
  وهذا في نفس الوقت ينقض قاعدتهم التي قولون بأن الأمر للأكبر من ولد الإمام، إذ لو كان معروفاً لديهم هذا الأصل لما ظن العطار بأن الإمامة لأبي جعفر وهو يعلم أن الحسن أكبر سناً منه.
  فيا لله العجب من الإمامية ورواياتهم التي تضحك الثكلى، ويسخر منها النبلاء، ويا عجباً لعقولهم كيف قبلت الترهات، واطمأنت إلى المتناقضات، وهم أهل الأفكار، ولديهم من العلوم العقلية الشيء الكثير.
  فهذا ما تيسر إيراده من الكلام في الموضع الأول.