السابع: الخطب المتعلقة بشهر رمضان
  بينما الامتناع عن الأكل نهاراً يوفر الوقت الذي كان يحتاجه في تناوله، ويزيد من نشاطه، ومن هنا نعرف أن الأكل هو السبب، فإذا كان الصائم في النهار لا يأكل، فمن أين سيأتيه الكسل؟
  سيأتيه من جانب البعد عن الله تعالى، لأنه لو اتبع تعاليم الإسلام لما ضيع النهار في النوم والليل في السهر، فقد كان النبي ÷ وأصحابه يأخذون وقتاً من الليل يريحون فيه أبدانهم، ليتقووا به على عبادة ربهم، فحينما يأخذ الجسم راحته في جزء من الليل - ولوقليلاً - فإنه سينشط في النهار، ويكفيه أن ينام إلى الظهر أو قبله مثلاً.
  أما حين يقطع الليل كله في مجالس القات، والتسكع في الأسواق، والتضييع للأوقات الفاضلات، واللعب واللهو ومتابعة القنوات، والحرص على الحلقات، والعكوف على الشاشات، فهذا هو الضياع بعينه، وتراه يستعجل بصلاة الفجر، ولا يبالي أن يصليها ولو قبل وقتها، وقد لا يخرج إلى المسجد بل يصلي في البيت بسرعة فائقة جوار سريره كي يبادر الفراش بعد السلام مباشرة، هذا إن صلى، وأما إذا داهمه النوم قبل الفجر، واشتد ميلان الرأس، من شدة النعاس، فقد لا يفيق لصلاة الفجر إلا بعد خروج وقتها، ثم ينام نهاراً إلى قبل العصر أو بعدها، فقد ضيع مع الفجر الظهر والعصر، فإذا جاء وقت الإفطار أكل بكل شراهة، فلا يقوم لصلاة المغرب إلا وقد صلى الناس، ثم يقوم ويصلي العشاء قبل وقتها، ليبادر تلك الأماكن التي يعتادها، فقد ضيع مع ما سبق المغرب والعشاء، فهذا من الذين ينطبق عليهم قول النبي ÷ «رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش».
  والبعض يمني نفسه بالأماني الكاذبة، ويعدها بالوعود الخائبة، فإذا قيل له: ما لَك تكثر النوم؟ أجاب بقول النبي ÷ «نوم الصائم عبادة، ونفسه تسبيح»، ولكن من هو الصائم الذي نومه عبادة ونفسه تسبيح؟