روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

التاسع: الخطب المتعلقة بشهر الحجة

صفحة 364 - الجزء 1

  ÷ والمسلمون إلى مزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء جمع تأخير، بأذانٍ واحدٍ وإقامتين، ولم يَسبُح بينهما، ثم اضطجع رسول الله ÷ حتى إذا طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح، ثم ركب القصوى حتى أتى المشعر الحرام، فقام عليه واستقبل القبلة، فدعا الله ø وهلله وكبره ووحده، ولم يزل واقفاً حتى أسفر جدًا، ثم دفع قبل أن تطلع الشمس، ثم نزل إلى مِنى، حتى أتى الجمرة الكبرى جمرة العقبة فرماها بسبع حصياتٍ، يكبر مع كل حصاةٍ، ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثاً وستين بدنةً بيده، ثم أعطى علياً فنحر ما بقي من البدن وأشركه في هديه، ثم أمر ببضعة من كل بدنةٍ فجعلت فى قدرٍ، فطبخت فأكلا من لحومها وشربا من مرقها.

  ثم أفاض رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى البيت فصلى بمكة الظهر، فأتى بني عبد المطلب وهم يسقون على زمزمٍ، فقال: «انزعوا يا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم» فناولوه دلوًا فشرب منه، ثم عاد إلى منى وبات بها وظل أيام منى ولياليها، ثم عاد إلى مكة وطاف طواف الوداع، ثم عاد إلى المدينة المنورة.

  وعندما كان الصحابة يسألون الرسول ÷ عن بعض أعمال الحج لا يجدون منه إلا التيسير والتخفيف عليهم، وهو يقول لمن سأله: افعل ولا حرج.

  أيها المؤمنون: كان حجُّ النبي ÷ موافقاً ليوم الجمعة، فكان يوم التاسع من ذي الحجة الذي هو يوم عرفة يومَ الجمعة، وفي مثل ذالك المشهود اليوم خطب النبي ÷ خطبة الوداع في موقف عرفة في جبل الرحمة، الخطبة العصماء التي أرسى النبي ÷ فيها قواعد الإسلام، وهدم مبادئ الجاهلية، وعظَّم حرمات المسلمين، فخطب الناس وودعهم بعد أن استقرَّ التشريع، التي قال النبي ÷ فيها: