الحادي عشر: الخطب المتعلقة بالصلاة
  ويأكلوا أطيب طعامهم، ويريحوا أنفسهم من أعمالهم، وكذلك فليرفهوا على أرقائهم، لأنه يومٌ عظيم البركة؛ اختاره الله ø لهذه الأمة، وفضّله على سائر الأيام، وجعله عيداً لأهل الإسلام، ويجب عليهم أن يفرقوا بينه وبين غيره من أيام دهرهم؛ لأن الله ø قد فرق بينه وبين غيره من أيامهم؛ نعمةً أنعم بها عليهم، وفضيلةً بيّنها لهم وفيهم.
  أيها المؤمنون: يوم الجمعة يوم يتميز فيها المطيعون من العاصين، ويتبين فيه أتباع الملائكة من أتباع الشياطين، حيث يحتدم الصراع، وتظهر المنافسة بين الملائكة وبين الشياطين، فالملائكة تدعو الناس إلى المساجد، والشياطين تدعو الناس إلى الأسواق واللهو واللعب، كما روي عن علي # أنه قال وهو يخطب على المنبر: إذا كان يوم الجمعة غدت الشياطين براياتها إلى الأسواق يأخذون الناس بالربائث، ويذكرونهم الحوائج، ويثبطونهم عن الجمعة، وتغدو الملائكة براياتها إلى المساجد يكتبون على كل رجل الساعة التي جاء فيها، فلان جاء من ساعة، فلان جاء من ساعتين، فإذا الرجل جلس مجلساً يستمكن فيه من الإستماع والنظر وأنصت ولم يلغِ كان له كِفلان من الأجر، وإذا جلس فيه مجلساً فتأدى وأنصت، ولم يلغ كان له كفلٌ من الأجر، ومن جلس مجلساً يستمكن فيه من الإستماع والنظر فَلَغا ولم ينصت كان عليه كفلان أو قال كفلٌ من وزر، ومن قال لأخيه يوم الجمعة: صَه فقد لَغا ومن لَغا فليس له من جمعته شيء، ثمّ قال في آخر ذلك: قد سمعت رسول الله ÷ وهو يقول ذلك.
  وعن علي # قال: قال رسول الله ÷: إذا كان يوم الجمعة نزل أمين الله جبرئيل إلى المسجد الحرام فركز لواءه بالمسجد الحرام، وغدا سائر الملائكة إلى المساجد التي يجمع فيها يوم الجمعة، فركزوا ألويتهم وراياتهم بأبواب المساجد، ثمّ نشروا قراطيس من فضّة وأقلاماً من ذهب، ثمّ كتبوا الأوّل فالأوّل ممّن بكّر إلى الجمعة، فإذا بلغ من في المسجد سبعين رجلاً، قد بكّروا طووا القراطيس، فكان اُولئك السبعون كالذين اختارهم موسى من قومهم كانوا أنبياء.