الثالث عشر: الخطب المتعلقة بالفضائل والخصال الحميدة ومكارم الأخلاق
  فقال: أما تعرفون ذاك لا قالوا: ومن هو لا قال: ذاك عبدي يونس، الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل، ودعوة مجابة، فقالوا: يا رب، أفلا ترحم ما كان يصنع في الرخاء، فتنجيه من البلاء لا قال: بلى، فأمر الحوت فطرحه بالعراء، فأنبت الله عليه شجرة اليقطينة.
  فبيد الله مفاتيح الفرج، ومن عنده يلتمس المخرج، ومنه تُستمد الإعانة، وهو العالم بأحوال العباد، والقادر على كشف ما أصابهم، وهو تعالى الذي ينزل البلاء على العباد، إما ابتلاء واختباراً، ليبلوهم ويختبرهم من الذي يصبر ومن الذي يجزع؟، وإما أن يكون عقوبة وانتقاماً من العصاة المجرمين.
  فالمحن للمؤمنين فيها تمحيص من الذنوب، وتنبيه من الغفلة، وتعريض للثواب بالصبر، وتذكير بالنعمة، واستدعاء للمثوبة، فالمؤمن إذا ابتلي صبر، لأنه يعلم أن الإبتلاء تعريض له على الصبر، والصبر أجره عظيم، فهو من أعظم العبادات، ولأن مفتاح الفرج مع الصبر، وهو مقدمة النصر، لأنّ النصرَ مع الصبر.
  فعن بعض الأنبياء $، أنه قال: (المحن تأديب من الله، والأدب لا يدوم، فطوبى لمن تصبر على التأديب، وتثبت عند المحنة، فيجب له لبس إكليل الغلبة، وتاج الفلاح، الذي وعد الله به محبيه، وأهل طاعته).
  وروي عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله ÷ «سلوا الله ø من فضله، فإن الله يحب أن يُسأل، وأفضل العبادة انتظار الفرج من الله تعالى».
  وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب #، قال: قال رسول الله ÷ «أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج من الله ø».
  وعن أمير المؤمنين علي #: أن رسول الله ÷، قال له في حديث ذكره: «واعلم أن النصر مع الصبر، والفرجَ مع الكرب، وأن مع العسر يسراً».
  فالإبتلاء من الله تعالى يكون على قدر الإيمان، والمعونة من الله للعبد المؤمن تكون على قدر البلاء، والفرج يكون على قدر البلاء، كما روي عن أنس، قال: قال رسول