الثالث عشر: الخطب المتعلقة بالفضائل والخصال الحميدة ومكارم الأخلاق
  الحقيقةِ كاذب، لأن الرؤيا الصالحةَ جزءٌ من ستةٍ وأربعينَ جُزءًا من النبوةِ، وجزاءُ من يكذِب في إحدى أجزاءِ النبوةِ هو ما قاله رسولُ الله ÷: «مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ وَلَنْ يَفْعَلَ» أي من ادعى حلماً لم يره، فإن عقابه وعذابه أن يكلف أن يعقد بين شعرتين، كما يعقِد بين حبلين ولا يستطيعُ أحد أن يعقِدَ بين شعيرتينِ.
  الرابع: البعض من الناس يقسم الكذب إلى كذبة بيضاء، وكذبة سوداء، فتراه يكذب ويفتري وإذا تبين كذبه قال هذه كذبة بيضاء، مع أن الكذب لا يحل منه شيء في أي حالة من الحالات إلا على جهة التعريض في بعض الحالات كالخدعة في الحرب أو لأجل الإصلاح بين الناس.
  والعجب من بعض الناس الذي يتخذ الكذبَ شطارةً ومهارةً، فيقابل هذا بوجه، وهذا بوجه، وشرُّ الناس ذو الوجهين، ثم يفتي نفسه بأن الكذبَ مباح، فيجمع بين الكذب على الناس، والكذب على الشريعة، وإن من أقبح الكذب أن يقرن الكاذب قوله باليمين الكاذبة، وأقبح من ذلك أن يتضمن كذبه أكلاً للمال بالباطل أيضاً، فيجتمع له ثلاث مساويء الكذب، والحلف عليه، وأكل المال بغير حق، وعن النبي ÷ أنه قال «من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان».
  وفي هذه الأزمنة يكثر الكذب عند البيع والشراء والخصومة، فتجد البائع أو المشتري يكذب أن سلعته سيمت بكذا، أو دفع فيها كذا وكذا وهو كاذب، وقد يزيد على ذلك يميناً فاجرة، وقصده أن بنفق سلعته، أو يأخذ من أموال الناس زيادة في الثمن بسبب يمينه.
  ويرى بعض الناس أن الغش والخداع حذق وعقل وفطانة، وغنيمة وكسب، فيفرح إذا غش غيره أو خدعه، ويرى أن ذلك منقبة له ورفعة، والواقع أن الغش والخداع