روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الثالث عشر: الخطب المتعلقة بالفضائل والخصال الحميدة ومكارم الأخلاق

صفحة 185 - الجزء 2

  وهنا نود أن نقف قليلاً مع النبي الكريم ~ وآله وهو يبين لنا أن السيئة في حق الجار تضاعف إلى عشرة أضعاف، فقد ضاعَفَ ÷ جريمةَ الزنا والسرقة في حق الجار إلى عشرة أضعاف؛ لأن الجار قد أمنه جاره، فخان الأمانة وانتهك الحرمة، وكان حقًّاً عليه أن يحفظ جاره في ماله وعِرضه.

  فعن المقداد بن الأسود ¥: قال: قال رسول الله ÷ لأصحابه: «ما تقولون في الزنا؟»، قالوا: حرَّمه الله ورسوله، فهو حرام إلى يوم القيامة، فقال رسول الله - ÷ لأصحابه: «لأنْ يزني الرجل بعشر نسوة، أيسرُ عليه من أن يزني بامرأة جاره»، ثم قال: «ما تقولون في السرقة؟»، قالوا: حرَّمها الله ورسوله، فهي حرام إلى يوم القيامة، فقال رسول الله ÷: «لأنْ يسرق الرجل من عشرة أبياتٍ، أيسرُ عليه من أن يسرق من جاره».

  الأمر الثاني: احتمال الأذى، والتغاضي عن الزلات، والتغافل عن الهفوات، فمَن لم يتغافل عن القصور من جاره تعب وأتعب، فالقصور من طبع البشر، فربما طال بيتك أو أولادك أو سيارتك أذى منهم، والجار الموفق مَن تغافل وغض الطرف.

  فقد يحصل في بعض الأحوال الهجر والمعاداة والقطيعة بين الجيران لأجل أذى يصدر من أحد الأبناء؟ أو من ممارسة الأطفال، بل وقد يتعدى إلى المشاكل بين الأسر بهذا السبب كما هو الحاصل في المجتمعات اليوم.

  والأمر الثالث: أن ينال جيرانك الإحسان منك والإكرام، فالجار الموفق يرعى لجاره حقوقه، يعود جاره إن مرض، يواسيه في أتراحه، ويهنئه في أفراحه، لا يغفل عن داره في غيبته، ويسد نقصه عن حاجته، ويفرج كربته، يسر لسروره، ويستر عليه عند قصوره، فإن وصل الأمر إلى زيارتهم، والاجتماع بهم فذاك خير إلى خير، وبهذه الأمور يؤدى حق الجار.

  روي أنه جاء رجل إلى النبي ÷ يشكو جارَه، فقال له النبي ÷: «اذهبْ فاصبرْ»، فأتاه مرتين أو ثلاثًا، فقال له النبي ÷