الأول: الخطب المتعلقة بشهر محرم
  خالطه الشيب في عارضيه، جميلاً وسيماً أديباً، يشبه بأمير المؤمنين علي في الفصاحة والبلاغة والبراعة والشجاعة.
  وأما صفاته الخُلُقية: فكان صاحب العلم الغزير، والفضل الشهير، والعبادة الكثيرة صلاة وصوماً وذكراً، وكان كثير الخوف والخشية من الله حتى كان يغمى عليه، كثير البكاء حتى تختلط دموعه بدمه، والكرم الواسع، وغيرها من المحاسن والشمائل.
  وكان نور التقوى يبدو في وجهه على لسانه وفي أفعاله، وقد قال فيه بعض معاصريه: كنت إذا رأيت زيدا، رأيت أسارير النور في وجهه.
  وكان في العبادة كآبائه فقد حكى ولده الإمام يحيى بن زيد عن عبادته فقال: (كان يصلي الفريضة، ثم يصلي ما شاء الله، ثم يقوم على قدميه يدعو الله إلى الفجر، يتضرع إليه، ويبكي بدموع جارية حتى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر قام وصلى الفريضة، ثم جلس للتعقيب إلى أن يتعالى النهار، ثم يقوم في حاجته ساعة، فإذا كان قرب الزوال قعد في مصلاه، وسبح الله ومجده إلى وقت الصلاة، وقام فصلى الأولى، وجلس هنيهة وصلى العصر، وقعد في تعقيبه ساعة ثم سجد سجدة، فإذا غابت الشمس صلى المغرب والعتمة، وكان يصوم في السنة ثلاثة أشهر، وفي الشهر ثلاثة أيام).
  وكان يبكي من خشية الله حتى تختلط دموعه بدمه طول ليله.
  وقال عاصم بن عبيد الله متحدثاً عن عبادة الإمام زيد فقال: لقد رأيته وهو غلام حَدَث، وإنه ليسمع الشيء من ذكر الله، فيغشى عليه، حتى يقول القائل: ما هو بعائد إلى الدنيا.
  فقد روي أن زيد بن علي @ قرأ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ١}[التكاثر] حتى بلغ {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ٤}[التكاثر]، فبكى بكاء شديداً، حتى ظننت أنه سيموت.
  قال عبد الله بن الحسن @: (كان زيد بن علي @ إذا قرأ آية الخوف، ماد والله كما تميد الشجرة من الريح في اليوم العاصف).