بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ٦٤ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا ٦٥}⁣[الإسراء].

  وقد وجد الشيطان سهولة في إغواء بني آدم، حيث أنه قد تمكن من خدع أبيهم آدم، فلما تمكن من آدم توقع أن ذريته أسهل منه، كما قال تعالى {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٢٠ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ٢١}⁣[سبأ].

  فعداوة الشيطان للإنسان قديمة ودائمة، فقد أضل أمماً، وأغوى القرون الماضية، كما قال تعالى {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ٦٠ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ٦١ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ٦٢}⁣[يس]، وقال تعالى {وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ٦٢}⁣[الزخرف]، وقال تعالى {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ١٤٢}⁣[الأنعام]، وقال تعالى {إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ٥}⁣[يوسف]، فهل بعد بيان الله من بيان؟!، وهل بعد تحذيره وإنذاره من برهان؟! لولا عمى البصائر، واتباع الأهواء.

  أيها المؤمنون: إن الله يدعو إلى الخير والهدى، والصلاح والتقى، والفلاح في الآخرة والأولى، والشيطان يدعو إلى الشر والردى، والفساد والشقاء، والخسران في الآخرة والأولى، فأنت بين خيارين إما أن تجيب داعي الله، أو داعي الشيطان، كما قال تعالى {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ٢٦٨}⁣[البقرة]، ويقول تعالى في إرادته الهدى لنا {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ٢٦}⁣[النساء]، وأما إرادة الشيطان فقال تعالى: {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ٦٠}⁣[النساء]، فإذا أجبت دعوة الله كنت من حزب الله {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ٢٢}⁣[المجادلة]، وإذا أجبت دعوة الشيطان كنت والعياذ بالله من حزب الشيطان {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ١٩}⁣[المجادلة].