روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الأول: الخطب المتعلقة بشهر محرم

صفحة 94 - الجزء 1

  بالمسلمين ونقض العهود التي كانت بينهم وبين النبي ÷، وكان يهود خَيبر أيضاً مضاهرين ليهود غطفان على رسول الله ÷، بل كانوا هم الداعم الحقيقي لغطفان.

  هذه الأمور والقضايا جعلت هناك ضرورة مُلِحَّة للقضاء عليهم وتأديبهم، ومحاسبتهم على ما اقترفوا من جرائم في حقِّ الإسلام.

  وقد هيئ الله تعالى الوقت المناسب، حيث عُقد صلح الحديبية بين النبي ÷ وبين قريش، فأمن النبي ~ وآله من جانب قريش، من أي هجوم على المسلمين في ذلك الوقت، أو مساندة لليهود أو تحالف معهم، واغتنم تلك الفرصة الثمينة، فعزم على التوجه والسير إلى اليهود القابعين في خيبر، لإنهاء وجودهم، فلما رجع من صلح الحديبية أقام بالمدينة شهر ذي الحجة وبعض محرم ثم تجهز للمسير إلى خيبر في بقية شهر محرم.

  ما أعظمَ أن نستشعر هذه الحادثة المبشرة والمفرحة في هذا الشهر المليء بالمآسي والأحزان، ففي شهر محرم الحرام في العام السابع من الهجرة، كانت أول بركات صلح الحديبية.

  فلم يمض سوى أشهر قليلة حتى سقطت حصون خيبر، لتكون مكافأة من الله تعالى لأولئك المؤمنين الذين بايعوا على الموت تحت الشجرة، وهم في عقر دار الكفر، وليس معهم إلا السيوف في قرابها، وقد كانت خيبر أول الغنائم التي بشرهم الله تعالى بها في سورة الفتح، ووعدهم بأن يأخذوا من بعدها كنوز كسرى وقيصر؛ فقال تعالى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ٢٠ وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ٢١}⁣[الفتح].