القاضب لشبه المنزهين للمطرفية من النواصب،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

ثامنا: موقف العلماء المعاصرين للإمام من المطرفية

صفحة 147 - الجزء 1

  وجودة المعرفة في أصول الدين الذي عليه دارت أبنية الحق اليقين، وبه خمدت نار ضلالات المبطلين، وبالفهم لمعاني كتاب الله ø ما بين دفتيه من أوامره وزواجره، وخصوصه وعمومه، ومجمله ومبينه، وناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وقصصه وأخباره، وعبره وأمثاله، وبالتبحر في علوم السنة الشريفة النبوية زادها الله شرفاً وفضلاً، والإنتهاء في علم أصول الفقه وفروعه، وعلم اللغة العربية، ومعرفة البيان، وفصاحة اللسان، إلى الذروة العليا، و الغاية القصوى، مع جمعه لسائر خصال الخلافة النبوية، وبلوغه المراقي الشريفة العلية، وهما إلى الآن موقفان أنفسهما على البيعة التي سبقا إليها، والطريقة التي دلا عليها.

  وقد كانت هذه الفرقة المطرفية المرتدة الغوية ممن تواتر إليها من أمير المؤمنين الدعاء إلى صراط الحق، والتلطف ليستنقذها من مهاوي الشق، فأظهرت في بادئ الأمر ما أظهرت من الدخول في بيعته، والتمسك بمتين عروته، فتلقى سلام الله عليه ذلك منها بالقبول، ورجا أن أمورها إلى الرشد تؤول، فلما اشتد عليها المجال، وطال بها الطوال، نكصت ناكثة للعهد على أعقابها، وبدا منها لذوي الألباب ما طال استتاره من ضبابها، فعالجها معالجة المداوي الحميم، للدّاء⁣(⁣١) المستقيم الأليم، ولم يعالجها بمهلك سطوته، اتباعاً منه لجده المصطفى ÷ وسيرته، فلما تبين له أن التأني والدواء لا تأثير لهما في برء دائها، وأن داءها مع المتاركة لا يقتصر على من أَصْمَتْهُ به من خلطائها، وعلم أنه قد توجه عليه من الله سبحانه ما توجه على جده الأمين في قوله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ٧٣}⁣[التوبة]، لم ير بعد ذلك إلا الكشف عن مكنون حالها، وتبيين فساد اعتقادها ومقالها {لِيَهْلِكَ مَنْ


(١) في الأصل للدواء، ولعل الصحيح ما أثبتناه.