وقفة مع سليمان المحلي وكتابه
  تحرق، والماء يروي).
  قلنا: في الجواب عن ذلك وجوه:
  أولاً: أن سليمان المحلي يشذ عن المطرفية في بعض الأقوال، فإذا حكى قولاً فإنما يحكي قول نفسه، لا قول من تقدمه من المطرفية.
  ثانياً: أنه من الطبقة المتأخرة منهم، فهو في أواسط القرن السادس الهجري، وتلك الطبقة أضعف طبقات المطرفية، لأنهم كانوا قد أبيدوا على أيدي أهل الحق، وكان قد تاب منهم ورجع عن المطرفية قوم كثير كما ذكر ذلك القاضي عبد الله بن زيد العنسي وغيره، ولعله كان قد رجع عن بعض أقوال المطرفية.
  ثالثاً: أن المشهور عن المطرفية - كما ستعرف ذلك إنشاء الله تعالى فيما يأتي - جوازُ الكذب بل وجوبه تقية، كما فعله أسلافهم مع الإمام أحمد بن سليمان والإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة @، وذلك متكرر عنهم كما حكاه صاحب السيرة المنصورية، فلعله قال بتلك الأقوال، تقية ومراوغة، وإبقاء على المطرفية، هذه الو جوه الثلاثة تحمل مع صحة ثبوت ذلك القول بدون تأويل.
  رابعاً: أن قوله ذلك عند التحقيق راجع إلى تلك الأقوال المتقدمة، فهو يرجع إلى أقوال أهل الفقحة، فتأمل ما حكاه القاضي عنهم.
  خامساً: أن قوله متناقض فقد قال في أول كلامه: إن الله خلق العالم يحيل ويستحيل، وفسر الإحالة بالتأثير والنفع، والإستحالة بالتغير، فمعنى كلامه أن العالم هو المؤثر والمغير بما فيه من الطبع والجبلة المجبور عليها، ثم ناقض قوله بأن الله هو: خالق المحيل والمستحيل، إذاً فما فائدة أنها مجبورة على التأثير والتغير بجبلتها، وهو يقول بأن الله خالقها، فتدبر كلامه المتهافت.