القاضب لشبه المنزهين للمطرفية من النواصب،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

إلحادهم في ذات الباري تعالى

صفحة 46 - الجزء 1

  بعد تمام تقرير العقيدة النبوية في الأمور الدينية⁣(⁣١) ما لفظه:

  وإذا قد تقرر لكم قولنا ومذهبنا وما روينا لكم من أقوال السلف، وما دان به أهل بيتنا، وذهبت إليه عترتنا المستحفظة المرعية، فلنرجع إلى التحذير من المذاهب الردية، وهي مذاهب شرحها يطول، ولها فروع وأصول، وعلى الله سبحانه إذهاب كل ضلالة، وطمس كل جهالة، فلنذكر من يختص بانتساب إلى مذاهب الزيدية، وهي هذه الفرقة المرتدة الغوية، المخالفة لجميع فضلاء البرية، الموسومة بالمطرفية.

  اعلموا رحمكم الله: أن جهالتهم واسعة وضلالتهم عظيمة وكفرهم غث⁣(⁣٢)، واعتقادهم رث، وذلك أنهم ضربوا في كل ضلالة بنصيب، وأدلوا من الجهل في كل قليب.

إلحادهم في ذات الباري تعالى

  فأول خلافهم في الباري سبحانه فإنهم أثبتوا له صفات قديمة فجعلوه أكثر من واحد، وجعلوا وحدانيته جملة، وزادوا في ذلك على قول الثنوية⁣(⁣٣)، ولم يشق غبارهم النسطورية⁣(⁣٤)،


(١) أحد الكتب التي ألفها الإمام المنصور بالله #.

(٢) بمعنى أن كفرهم رديء فاسد لأنهم ضربوا من كل كفر بنصيب، واخذوا من كل طائفة أردى أقوالها.

(٣) الثنوية من الملل الكفرية القائلة بإلهية النور والظلمة، و أن النور فاعل الخير وهو لا يفعل الشر أبدًا، والظلمة فاعل الشر وهو لا يفعل الخير أبدًا، وهي فرق تسع - المانوية والمزدكية يعلم والديصانية، والمرقيونية، والماهنية، والكيسانية، والصامية، والمهراكية، والمجوس، وذكر أقوالهم الفاسدة ومعتقداتهم الرديئة تطول، وإنما الغرض من ذكرهم هنا هو: أن المطلع على أن المطرفية الغوية قد قالت بأقوال لم تقلها أشد الفرق كفرًا، وأنهم قد زادوا عليهم في خبيث قولهم.

(٤) النسطورية: أحد فرق النصارى، أتباع نسطور الحكيم الذي ظهر في عصر الخليفة العباسي - المأمون -، وهم الذين قالوا: إن الله اتحد بالمسيح من جهة المشيئة فصارت إرادتهما واحدة وكراهتهما واحدة وإن كانا مختلفين من حيث الذات، وقالوا: إن المسيح إله وإنسان فصار واحدًا مركبًا من اثنين قديم وهو الباري، =