القاضب لشبه المنزهين للمطرفية من النواصب،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

إلحادهم في أفعاله تعالى

صفحة 47 - الجزء 1

  واليعقوبية⁣(⁣١) المثلثة الردية، لأن أولئك قالوا بذات وصفتين وجعلوها شيئاً واحداً وما حكيناه من مذاهب الضلال ظاهر عن علماء العترة الزكية فهذا إلحادهم في ذاته⁣(⁣٢).

إلحادهم في أفعاله تعالى

  وأما إلحادهم في فعله فإنهم نفوا عنه أفعاله وأضافوا إليه أفعال البرية وتعداد ذلك مفصلاً يطول ولكنا نذكر منه ما يدل على ما عداه:

  قالوا: إنه تعالى لم يقصد فعل شيء بعد الأصول وهي عندهم الماء والهواء والريح والنار، فقالوا في ذلك بقول الفلاسفة الطبيعية إلا أن الفلاسفة⁣(⁣٣) أكثر تحقيقاً منهم في الكفر.


= ومحدث وهو الإنسان.

(١) اليعقوبية: هم أصحاب يعقوب، أحد فرق النصارى، وهم الذين قالوا: إن الاتحاد حقيقة بمعنى أن الاتحاد كان من حيث الذات، وأن جوهر الإله القديم وجوهر الإنسان المحدث اتحدا واختلطا وامتزجا فصارا شيئاً واحداً، وأن امتزاجهما واختلاطهما كامتزاج النار بالفحم حتى صار منهما شيئاً ثالثاً هو الجمرة، وقالوا: إن المسيح جوهر من جوهرين، وأقنوم من أقنومين، أقنوم لاهوتي هو الإله، وأقنوم ناسوتي هو الإنسان.

(٢) قال الإمام أحمد بن سليمان # في كتاب (العمدة، في الرد على المطرفية المرتدة) [إن المطرفي ثلاثة عشر نصراني وثلث نصراني، لأنك إذا قسمت أربعين على ثلاثة كان هذه هي الجملة.] انتهى. ومراده # بالأربعين: أن المطرفية جعلوا لله أربعين اسما هي الله والله هي.

(٣) الفلاسفة: وهم أشد الفرق على الإسلام ضررا، وأعظمهم مكيدة وعداوة، فلا يوجد في الإسلام بدعة إلا وهم أصلها وأساس عمادها، ولا فتنة إلا وهم رأسها وقاعدة مهادها، يتمسكون بعقائد فاسدة وأقوال كاذبة، ويزعمون أنهم أهل النظر والآراء الصائبة والأنظار الثاقبة، يروجون الأقوال لكي يهدموا الاسلام، ويثبتوا التعطيل وهم أحد الفرق الطبائعية التي تزعم أن الأشياء الوجودية إنما كانت بطبائع اختصت بها وقوى موجودة فيها، وزعموا أن أصل الأمور الطبائعية هي (الماء والهواء والأرض والنار) وأنها امتزجت وتشاكلت وتفاعلت فيما بينها فحصلت عنها هذه الموجودات، فنفوا الخالق تبارك وتعالى.