القاضب لشبه المنزهين للمطرفية من النواصب،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الشبهة الثانية

صفحة 72 - الجزء 1

  الكبير ج ١/ص ٢٠٦].

  وقد يحتج من لا معرفة عنده ولا اطلاع بكلام للإمام القاسم هو حجة عليه لا له، وهو قوله # وقد سئل عن الحمى أهي من الضربة أم من الطبيعة؟.

  فقال #:

  وأما الحمى عن الضربة الموجعة، فإن الله جعلها تكو ن من الطبيعة فالضربة من الضارب والحمى فمن الطبائع، ألا ترى أن الحمى لو كانت من الضارب لزمت فيها القصاص والقود، وهذا مما ليس يدرك حقيقته أحد، وقد قال الله سبحانه {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}⁣[المائدة: ٤٥]، والجروح من الجارح وليس الحمى بعمل شيء من الجوارح، فهو علم الله المعلوم.

  وليس لهم في كلام الإمام حجة، لأن الإمام # لم يرد ما ذهبوا إليه من أن الطبيعة هي الفاعلة، لأنه قد صرح في أول الكلام أن الله هو الفاعل لا غيره حيث قال: فإن الله جعلها تكون من الطبيعة.

  والجعل معناه: الخلق، فمعنى هذا الكلام أن الله تعالى خلق الحمى من الطبيعة، لا أن الطبيعة هي التي خلقت الحمى.

  وإنما أراد الإمام أن يفرق بين ما كان من فعل الله وفعل المخلوق، تنزيهاً لله عن أفعال العبيد، فالضربة فعل الضارب، والحمى فعل الله، جعلها مسببة عن الضربة، فمتى ما وجدت الضربة فقد ركب الله تعالى في الدم قوة تنزعج عند الضربة يتولد منها الآلام والأعراض من الحمى والحمرة وغير ذلك، وهذا واضح لمن تأمله.

  ولو ذكرنا كل مسألة من أقوالهم والرد عليها من كلام الأئمة $ لطال المقام، ولكن يكفي الباحث عن الحق اليسير، وكما قيل في المثل: البارق اليسير يدل على النو المطير.